للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثت بينه وبين محمد بن الحسن، وغيرِه في باب الماء، وما ذهبوا إليه من مَسْحِ البئر، وخروجهم بذلك من أقاويل الناس، مع خلاف السنة.

قال الشافِعِيّ: قلت له: ما علمتكم تبعتم في الماء سنة ولا إجماعاً ولا قياساً. ولقد قلتم فيه أقاويل لعله إن قيل لعاقل: تخطأ، فقال ما قلتم – لكان قد أحسن التخاطؤ (١).

ثم ساق الكلام إلى أن قال: وزعمتم أن فأرة لو وقعت في بئر فماتت، نزح منها عشرون دلواً أو ثلاثون دلواً، ثم طهرت البئر، فإن طرحت العشرون أو الثلاثون الدلو في بئر أخرى لم ينزح منها الا العشرون أو الثلاثون دلواً. وإن كانت مَيْتَةً أكثر من ذلك نزح منها أربعون أو ستون دلواً. فمن وقَّت لك هذا في الماء الذي لم يتغيَّر؟ أفرأيت شيئاً قط ينجس كله فيخرج بعضه فتذهب النجاسة من الباقي منه؟

ثم ساق الكلام إلى أن قال: وزعمت أنك إن أدخلت يدك في بئر تنوي بها أن تتوضأ نجست البئر كلها؛ لأنها ما توضئ به، ولا تَطْهُر حتى تُنْزَح كلها. وإن سقطت فيها ميتة طهرت بعشرين دلواً أو ثلاثين. فزعمت أن البئر بدخول اليد التي لا نجاسة فيها تنجس كلها فلا تطهر أبداً، وأنها تطهر من الميْتَةِ بعشرين دلواً، أو ثلاثين دلواً، هل رأيت أحداً قط يزعم أن يد مسلم تًنَجِّسُ ماء أكثر مما تنجسه الميتة؟ وزعمت أنه لو أدخل يده ولا ينوي وضوءا طهرت يده للوضوء ولا تنجس البئر. أو رأيت إن ألقى فيها جيفة لا تنوي تنجيسها أو تنويه، أذلك سواء؟ قال: نعم.


(١) في الأصل «التخاطي».