للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضاً (١). وقد دعا النبي، صلى الله عليه وسلم، لقوم وسماهم بأسمائهم ونسبهم إلى قبائلهم. وهذا كله يدل على أن المحرَّم من الكلام إنما هو كلام الناس بعضهم بعضاً في حوائجهم. فأما ما دعا به المرء ربه، تعالى، وسأله إيّاه فهذا لا أعلم أحداً من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اختلف فيه. والصحيح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال:

«وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء؛ فإنه قَمِنٌ أن يستجاب لكم (٢)».

ولم يخصّ النبي، صلى الله عليه وسلم، دعاء دون دعاء. وكل ما كان يجوز أن يسأل الرجل ربه في غير الصلاة – فهو جائز في الصلاة. وقرأت في كتاب عبد الرحمن بن أبي حاتم: أخبرني أبي، قال: حدثنا


(١) يدل على هذا سياق الحديث. فقد روى مسلم في صحيحه ١/ ٣٨١ حديث عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه [أمي] ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
(٢) في سنن أبي داود ١/ ٣٢١ عن ابن عباس أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كشف الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: «أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له، وإني نهيت أن أقرأ راكعاً أو ساجداً. فأما الركوع فعظموا الرب فيه، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم».
وانظر ترتيب مسند الشافعي ١/ ٩٠، والأم ١/ ٩٦.