للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا أقتلك صبراً؛ إني أخاف الله رب العالمين.

وإنما أراد به بعض العراقيين حيث يزعم أن الأسير من أهل البغي يقتل إذا كانت له فئة يرجع إليها (١) يقاتل جادًّا في أيامه كلها منتصفاً أو مستعلياً – يعني يساويه مرة في الغلبة في الحرب ويعلوه أخرى، وعليّ يقول لأسير من أصحابه: لا أقتلك صبراً؛ إني أخاف الله رب العالمين.

قال الشافعي في خلال كلامه:

وقلت له: علي بن أبي طالب ولِّي قتال المتأولين فلم يُقْصِصْ من دم ولا مال أصيب في التأويل.

وفي كل هذا دلالة على أن الشافعي رحمه الله كان يعتقد في «عليّ» رضي الله عنه أنه كان محقًّا في قتاله مَنْ خرج عليه، وأن «معاوية» ومن قاتله لم يخرجوا بالبغي من الإيمان؛ لأن الله تعالى سمى الطائفتين جميعاً: مؤمنين، والآية عامّة. وجرى علي، رضي الله عنه، في قتالهم مجرى قتال (٢) الإمام العادل من خرج من طاعته من المؤمنين، وسار بسيرته في قتالهم، وقصد به حملهم على الرجوع إلى الطاعة، كما قال الله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ (٣)}.

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا الزبير بن عبد الواحد، قال: سمعت أبا العباس: أحمد بن يحيى بن زكريا يقول: سمعت الربيع يقول:


(١) راجع نص محاورة الشافعي في الأم ٤/ ١٤٣ وبعد هذا في ح: «فيقول الشافعي: لم يقتله علي ومعاوية، لذلك الأسير فئة يرجع إليها، يقاتل ...».
(٢) في ح: «قتل».
(٣) سورة الحجرات: ٩.