للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكأنه تبع فيه ما رويناه عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم الحديث (١)» وغير ذلك من الأخبار الواردة في معناه.

وعلى مثل هذا جرى أئمتنا في قديم الدهر عند (٢) الاستغناء عن الكلام فيه، فإذا احتاجوا إليه أجابوا بما في كتاب الله عز وجل، ثم في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من الدلالة على إثبات القدر لله عز وجل، وأنه لا يجري في ملكوت السموات والأرض شيء إلا بحكم الله وتقديره وإرادته. وكذلك في سائر مسائل الكلام اكتفوا بما فيها من الدلالة على صحة قولهم، حتى حدثت «طائفة» سمّوا ما في كتاب الله عز وجل من الحجة عليهم متشابها، وقالوا بترك القول بالأخبار أصلا، وزعموا أن الأخبار التي حملت إليهم (٣) لا تصح في عقولهم فقام جماعة من أئمتنا، رحمهم الله، بهذا العلم وبَيَّنُوا لمن وُفِّق للصواب، ورزق الفهم، أَنَّ جميع ما ورد في تلك الأخبار صحيح في العقول، وما ادعوه في الكتاب من التَّشابه باطل في المعقول.

وحين أظهروا بدعهم، وذكروا ما اغتر به أهل الضّعف من شبههم –


(١) حديث عمر رواه الحاكم في المستدرك ١/ ٨٥ والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ٢٠٤ وأحمد بن حنبل في مسنده ١/ ٢٤٣ – ٢٤٤ وأبو داود في سننه ٤/ ٣١٥ و ٣١٨.
(٢) في ا: «عنه».
(٣) في ا: «عليهم».