للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن محمد الخواري يقول: سمعت أبا نعيم يقول: سمعت أبا القاسم الأَنْمَاطِي يقول:

جالست «المزني» عشر سنين فلما كان بأخرة اجتمعنا في جنازة بعض أصحابه فقلت (١): إن الناس يتحدثون بمذهب المزني فينسبونه إلى أنه يتكلم في القرآن ويقول بالمخلوق، فلو سألناه؟ قال: فتقدمنا إليه فقلنا: يا أبا إبراهيم، إنما (٢) نسمع منك هذا العلم، ونحب أن يؤخذ عنا ما نسمع منك، والناس يذكرون (٣) أنك سألت عن القول بما يقول أهل الحديث في القرآن، ونحن نعلم أنك تقول بالسنة وعلى مذهب أهل الحديث، فلو أظهرت لنا ما نعتقده؟ فأجابنا فقال: أنا لم أعتقد قطّ إلا أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولكني كرهت الخوض في هذا مخافة أن يكثر عليّ، وأطالب بالنظر في هذا، وأشتغل عن الفقه. فلما كان من الغد بعث إليه رئيس من رؤساء الجهمية بمصر يقال له ابن الأصبغ رسولا فقال: يا أبا إبراهيم، بعثني إليك فلان وهو يقول: لم تزل تُمْسِكُ عن الخوض في القرآن والكلام فيه، فما الذي بدا لك الآن؟ وقد بلغني أنك أجبت بكذا وكذا فما حجتك فيما أجبت: أن القرآن غير مخلوق؟ فنظر إلينا فقال: ألم أقل لكم: إني كنت أمتنع من أجل أني أطالب بمثل هذا؟!

قال أبو القاسم: فقلت أنا أتولّى عنك جوابه. قال: شأنك. فمضيت إليه فقلت له: إن رسولك جاء إلى أبي إبراهيم بكذا وكذا، فجئت لأتولى عنه الجواب وأنا أحد من يحمل عنه العلم. فقال: ما حجتك؟


(١) في ا «فقلت: أتتحدثون بمذهب المزني وتنسبونه».
(٢) في ح: «إنا».
(٣) في ا: «يذكرونك أنك».