للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت له: أقول: القرآن غير مخلوق، وأدلّ عليه بكتاب الله وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإجماع أمته، ومن حجج العقول التي ركَّبها الله في عباده قال: فأوردت عليه ذلك فبقى متحيِّراً.

فالمزني، رحمه الله، كان رجلا ورعاً وزاهداً يتجنّب السلاطين، فامتنع من الكلام؛ مخافة أن يبتلى بالدخول عليهم، مع ما شاهد من محنة البويطي وأمثاله من أهل السنة في أيام المعتصم والواثق.

وفي كل ذلك دلالة على أن استحباب من استحب أئمتنا ترك الخوض في الكلام - إنما هو للمعنى الذي أشرنا إليه، وأن الكلام المذموم إنما هو كلام أهل البدع الذي يخالف الكتاب والسنة. فأما الكلام الذي يوافق الكتاب والسنة، وبُيِّنَ بالعقل والعبرة - فإنه محمود مرغوب فيه عند الحاجة، تكلم فيه الشافعي وغيره من أئمتنا، رضي الله عنهم، عند الحاجة، كما سبق ذكرنا له.

وحدثنا أحمد بن عبد الملك الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله: الحسين بن محمد بن فنجويه (١) الدينوري قال: حدثنا ظفران بن الحسين، قال حدثنا أبو محمد: بن أبي حاتم الرازي قال: حدثنا أبي قال: حدثني أحمد بن خالد الخلال قال:

سمعت الشافعي يقول: ما كلمت رجلا في بدعة قطّ إلا كان يتشيع (٢) وهذا


(١) في ح: «ابن فتحون».
(٢) آداب الشافعي ومناقبه ١٨٦.