للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنا عند سفيان بن عُيَيْنَة بمكة، فجاء الشافعي فسلّم وجلس، فروى ابن عيينة حديثا رقيقا فغشى على الشافعي فقيل: يا أبا محمد، مات محمد بن إدريس وقال ابن عيينة: إن كان مات محمد فقد مات أفضل زمانه (١).

أخبرنا أبو عبد الرحمن: محمد بن الحسين السلمي قال: أخبرنا عباس ابن الحسين (٢) قال: حدثنا محمد بن الحسين بن سعيد قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا عمرو بن سفيان بن محمد الثّغري (٣) قال: سمعت أبي يقول:

رأيت محمد بن إدريس الشافعي جالسا عند ابن عُيَيْنَة، وكان إذا جلس عنده جلس متربعا كجلسة القضاة، فقال رجل لابن عيينة: إنّ هاهنا قوما (٤) يرون كذا - - بُعَرِّضُ بالشافعي ومالك - فقال ابن عُيَيْنَةَ: ما أُحِبُّ أن يأتيني من يقول بهذا القول:

فقال الشافعي لابن عيينة: يا أبا محمد، ليس هذا من صنعتك؛ إنما صنعتك الحديث، وإنما هذا لأهل النظر. فسكت سفيان، وطأطأ رأسه، فما رأيت ابن عيينة بعد ذلك إلا معظِّماً له ومكرما.

وقرأت في كتاب أبي يحيى: زكريا بن يحيى الساجي روايته عن أحمد ابن محمد ابن بنت الشافعي قال: سمعت أبي وعمي يقولان:

كان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفُتْيا يُسأَل عنها التفت إلى الشافعي فقال: سلوا هذا الفتى.


(١) توالي التأسيس ٥٤ والمناقب للرازي ١٧ - ١٨.
(٢) في ح: «الحسن».
(٣) في ا: «المسعدي».
(٤) في ا: «ههنا قوم».