للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تكلم شيخنا أبو عبد الله الحافظ، رحمه الله، في تخريجه على ما أَدَّى إليه اجتهاده. ولم تبِن لي حقيقة ذلك فتركت نقله.

وكان الشافعي، رحمه الله، يقول: لا تحدِّث عن حيّ؛ فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان. فيحتمل أنه كان يحتاط لنفسه فلا يسمّى من يحدّث عنه وهو حي؛ لهذا المعنى أو غيره.

* * *

والذي لا بد من معرفته أن تعلم أنه لم يحدث عن ثقة عنده لم يوجد ذلك الحديث عند ثقة معروف باسمه وحاله، فالحجة قائمة برواية المعروف الثقة ولذلك كان لا يُطَالِبُ بتسميته الثقة عنده، ويكتفي بشهرته فيما بين أهل العلم بالحديث.

وكانوا في القديم يأخذون الحديث أكثره حفظاً ثم يُعلِّقونه (١).

وحين صنّف الشافعي الكتب الجديدة بمصر لم يكن معه أكثر كتبه، كذلك حين صنّف الكتب القديمة بالعراق، لم يكن معه أكثر كتبه، فربما كان يشك فيمن حدّثه، ولا يشك في ثقته، فيقول: أخبرنا الثقة.

ومثال ذلك أنه قال في «كتاب قسم الصدقات»: أخبرنا وكيع بن الجراح [(٢ عن زكريا بن إسحاق. فذكر حديث معاذ بن جبل. وقال في «كتاب فرض الزكاة»: أخبرنا وكيع بن الجرّاح ٢)]. أو ثقة غيره، أو هما عن زكريا ابن إسحاق. فحين صنّف «كتاب قسم الصدقات» لم يشك فرواه عن وكيع وحين صنف «كتاب فرض الزكاة» شك فيه فأخرجه مخرج الشك.


(١) في ا: «يتلقونه».
(٢) ما بين الرقمين سقط من ا.