للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرى١. ويشبه قيس بن الحدادية قومه -في بعض شعره القبلي- بالضراغم، فيقول معيرا أعداءهم بالهزيمة:

غداة توليتم وأدبر جمعكم ... وأُبنا بأسراكم كأنا ضراغم٢

ويشبه صخر الغي وروده ماء مخوفا على حذر بمشي النمر حين يستقبل ريحا بادرة ندية:

وماء وردت على زورة ... كمشي السبنتي يراح الشفيفا٣

ورفاق الشنفرى "سراحين فتيان"٤، وصاحب أبي خراش "كالسرحان سرحوب"٥ وعدو أبي خراش يسقط صريعا كما يسقط نسر أكل لحما مسموما:

به ندع الكمي على يديه ... يخر تخاله نسرا قشيبا٦

وهي صورة قوية تستمد قوتها من عنصر "الحركة" الذي نتمثله في سقوط النسر صريعا، ذلك السقوط العنيف المفاجئ الذي يمثل لنا سقوط العدو تمثيلا قويا بعد أن عبر عنه الشاعر بتلك اللفظة الموحية المعبرة "يخر".

ولكن تأبط شرا يخرج على هذه القاعدة، فيشبه حصان الشنفرى في رثائه له بالعقاب التي تنقض بين ذروتين شامختين:

وأشقر غيداق الجراء كأنه ... عقاب تدلى بين نيقين كاسر٧

ويستغل الشعراء الصعاليك النحل في صورتين: صورة تعتمد على الصوت، وصورة تعتمد على الهيئة. أما الأولى فهي صورة القوس حين تنطلق منها سهامها


١ ديوانه المطبوع/ ٣٧.
٢ الأغاني ١٣/ ٤ "بولاق".
٣ شرح أشعار الهذليين ١/ ٤٧، وشرح المفضليات لابن الأنباري / ٨٧٢، ولسان العرب مادة "روح" ٣/ ٢٨٢، ومادة "زور" ٥/ ٤٢٣، وورد الشطر الثاني فقط في مادة "شفف" ١١/ ٨٣.
٤ ديوانه في الطرائف الأدبية/ ٣٢، والأغاني ١٨/ ٢١٦.
٥ ديوان الهذليين، القسم الثاني/ ١٦١.
٦ المصدر السابق/ ١٣٥ - القشيب هنا: المسموم.
٧ ديوان الشنفرى في الطرائف الأدبية/ ٢٨، وحماسة الخالديين "مخطوطة" ورقة رقم ٤١٧.

<<  <   >  >>