للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتحدث حفيفا مبهما غير واضح هو في سمع بعض الشعراء الصعاليك كصوت النحل، وأما الأخرى فهي صورة الجماعات الكثيرة المتزاحمة سواء أكانوا أعداء يطاردونهم، أم وفود المعوزين المحتاجين على أبواب الكرماء.

فحفيف النيل في سمع الشنفرى حين ينطلق من قوسه كصوت النحل العائد إلى غاره وقد أخطأ فهو يحوم حوله:

كأن حفيف النيل من فوق عجسها ... عوازب نحل أخطأ الغار مطنف١

وأعداء تأبط شرا من خلفه وهم يطاردونه كالنحل الكثير الذي يتجمع في خليته:

ولم أنتظر أن يدهموني كأنهم ... ورائي نحل في الخلية واكنا٢

وطالبوا الحاجات الذين يغشون باب بعض الكرماء الذين يمدحهم أبو خراش يشبهون النحل الذي يهوي إلى غاره:

ترى طالبي الحاجات يغشون بابه ... سراعا كما تهوي إلى أُدمى النحل٣

وكما استغل الشنفرى النحل في تصوير حفيف سهامه استغل القطاة في تصوير أفواقها، ففوق سهمه مدور كعرقوب القطاة:

عليه نساري على خوط نبعة ... وفوق كعرقوب القطاة مدحرج٤

وإذا كان المطاردون عند تأبط شرا كالنحل فإن العدائين عند أبي خراش كأرجال الجراء الذي يقصد إلى الأماكن الغليظة المرتفعة:

وعادية تلقي الثياب وزعتها ... كرجل الجراد ينتحي شرف الحزم٥

ويستغل الشعراء الصعاليك من الغربان جانبين متناقضين: سوادها الحالك، وصفاء عيونها الشديد. فقطعان السوام عند صخر الغي كجماعات الأغربة في سوادها:


١ الأغاني ٢١/ ١٤١.
٢ الأغاني ١٨/ ٢١٣.
٣ ديوان الهذليين ٢/ ١٦٦ - أدمى: موضع.
٤ ديوانه المطبوع/ ٣٤. والمصور: لوحة ٥٢. والأغاني ٢١/ ١٤١.
٥ ديوان الهذليين ٢/ ١٣٢.

<<  <   >  >>