للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكشف عائذ بلقاء تنفي ... ذكور الخيل عن ولد، شغور١

ويستغل تأبط شرا جبن الغنم وخوفها في رثائه للشنفرى، فيشبه أعداءه وهو يجيل فيه سلاح الموت بالغنم المذعورة:

تجيل سلاح الموت فيهم كأنهم ... لشوكتك الحدى ضئين نوافر٢

أما الشنفرى فيستغل أولاد البقر في رسم صورة غريبة، فهو يشبه سيوف رفاقه الصعاليك مشرعة في أيديهم وهي تنهل من دماء أعدائهم وتعل بأولاد البقر الصغار إذا رأت أمهاتها فجعلت تحرك أذنابها:

تراها كأذناب الحسيل صوادرا ... وقد نهلت من الدماء وعلت٣

وهي صورة تستمد غرابتها من هذه المفارقة بين طرفي التشبيه: أولاد البقر الصغيرة المسألة، وسيوف الصعاليك المخضبة بالدماء.

أما المنبع الثاني لأصباغ لون التشبيه عند الشعراء الصعاليك، وهو الحياة الإنسانية، فمن الممكن أن نرده إلى أربعة مظاهر من مظاهر هذه الحياة: الحياة الاجتماعية، والحياة الاقتصادية، والحياة النفسية، والحياة الجسدية.

وقد استخدم الشعراء الصعاليك عناصر هذا المنبع الإنساني استخداما طريفا، ولعل أطرف ما فيه أنه يصور كيف كان تأثر هؤلاء الصعاليك بالحياة التي كانت تدور حولهم أو التي كانوا يدورون فيها.

فحين يرى صخر الغي السحاب الثقيل وهو مقبل في بطء لا تتراءى أمامه إلا صورة الأسير الذي يساق في قيوده فهو بطيء الخطو متثاقله:

وأقبل مرا إلى مجدل ... سياق المقيد يمشي رسيفا٤

وهي صورة من الطبيعي أن تترءى لهذا الصعلوك الهذلي الذي كان


١ ديوانه/ ٤٢ - العائذ: الحديثة النتاج. وشغور صفة لعائذ، وهي التي ترفع رجليها.
٢ ديوان الشنفرى المطبوع/ ٢٨. وشرح المفضليات/ ١٩٩. مع اختلاف في ألفاظ الشطر الأول - الحدى: الحادة، مؤنث أفعل التفضيل.
٣ المفضليات/ ٢٠٥.
٤ شرح أشعار الهذليين ١/ ٤٣.

<<  <   >  >>