للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغوي للمادة، ثم عرضت لهذا التعريف على النصوص الأدبية التي وردت فيها، حتى أدرك إلى أي مدى ينطبق عليها، وأدركت أن هذا التعريف اللغوي لا يكفي لفهم هذه الظاهرة، فكان لا بد من المضي إلى المجتمع الجاهلي أتلمس في أخبار صعاليكه وأشعارهم جوانبها المختلفة، ومعالمها المميزة لها.

ثم وقفت أمام هذه الظاهرة وتساءلت: ما السر في نشأتها؟ وما العوامل التي أدت إلى ظهورها؟ ورأيت أن أمضي إلى علم النفس الاجتماعي أسأله تفسيرا لها، فدرست المجتمع، والتوافق الاجتماعي، و"اللاتوافق"، وعُقَد النقص، ودرست الفقر، والمشكلات الاقتصادية، والمذاهب المختلفة التي حاولت أن تجد لهذه المشكلات حلا، وانتفعت بكل هذه الدراسات في تكوين فكرة عن هذه الظاهرة، وانتهيت إلى أن هناك ثلاثة عوامل عملت في نشأتها وتطورها: عامل جغرافي، وعامل اجتماعي، وعامل اقتصادي. فمضيت إلى المجتمع الجاهلي أدرس فيه هذه الجوانب الثلاثة على هذا الأساس، ورأيت أن أفرد فصلا لكل منها، ولم أفرد للتفسير النفسي فصلا خاصا لأنه عامل مشترك بين كل هذه العوامل. وهكذا كان الباب الأول في أربعة فصول.

ثم مضيت إلى مجموعة شعر الصعاليك التي بذلت جهدا كبيرا في جمعها من مصادر متعددة، ورأيت لزاما عليَّ أن أعرض -قبل كل شيء- لتلك المصادر المتعددة التي اعتمدت عليها في جمع ما يصح أن نسميه "ديوان الصعاليك"، وتلك المصادر الأخرى التي لم تصل إلينا إلا أسماؤها، إما لأنها فقدت، وإما لأنها ليست بين أيدينا. كما رأيت من الضروري أن أعرض لمدى صحة ما ترويه المجموعة الأولى من المصادر من شعر الصعاليك، حتى أنتهي إلى رأي فيما يثور حوله من شك في بعض نصوصه، وأفردت لهذه المقدمات الفنية الفصل الأول من الباب الثاني.

ثم نظرت في مجموعة شعر الصعاليك، ورأيت أن أفرد فصلا لموضوعاته، سواء ما كان منها "داخل دائرة الصعلكة"، وما كان منها "خارج هذه

<<  <   >  >>