للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُسَاوِيَةً لَهُ فِي الْحُبِّ. {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} مِنْ حُبِّ الْمُشْرِكِينَ لِآلِهَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْلَصُوا لَهُ الْحُبَّ، وَأَفْرَدُوهُ بِهِ، أَمَّا حُبُّ الْمُشْرِكِينَ لِآلِهَتِهِمْ؛ فَهُوَ موزَّعٌ بَيْنَهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الحبَّ إِذَا كَانَ لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ أَمْكَنَ وَأَقْوَى.

وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يحبُّون آلِهَتَهُمْ كَحُبِّ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ، وَالَّذِينَ آمَنُوا أشدُّ حُبًّا لِلَّهِ مِنَ الْكُفَّارِ لِأَنْدَادِهِمْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ... } الْآيَةَ؛ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَعْنَى الْحَمْدِ (١) ، وَأَنَّهُ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى النِّعْمَةِ وَغَيْرِهَا، وَقُلْنَا: إِنَّ إِثْبَاتَ الْحَمْدِ لَهُ سُبْحَانَهُ متضمِّنٌ لِإِثْبَاتِ جَمِيعِ الْكَمَالَاتِ الَّتِي لَا يستحقُّ الْحَمْدَ الْمُطْلَقَ إِلَّا مَنْ بَلَغَ غَايَتَهَا.

ثُمَّ نَفَى سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ مَا يُنَافِي كَمَالَ الْحَمْدِ مِنَ الْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ وَالْوَلِيِّ مِنَ الذلِّ ـ أَيْ: مِنْ فَقْرٍ وَحَاجَةٍ ـ، فَهُو سُبْحَانَهُ لَا يُوَالِي أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ مِنْ أَجْلِ ذِلَّةٍ وَحَاجَةٍ إِلَيْهِ.

ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ أَنْ يُكَبِّرَهُ تَكْبِيرًا؛ أَيْ: يُعَظِّمَهُ تَعْظِيمًا ويُنَزِّهَهُ عَنْ كُلِّ صِفَةِ نَقْصٍ وَصَفَهُ بِهَا أَعْدَاؤُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {يُسَبِّحُ لِلَّه ... ِ} إِلَخْ؛ فَالتَّسْبِيحُ هُوَ التَّنْزِيهُ وَالْإِبْعَادُ عَنِ السُّوءِ؛ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ جَمِيعَ الأشياء في السموات وفي الْأَرْضِ تسبِّح بِحَمْدِ رَبِّهَا، وَتَشْهَدُ لَهُ بِكَمَالِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ والعزَّة وَالْحِكْمَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالرَّحْمَةِ؛ قَالَ


(١) صفحة: (٨١) .

<<  <   >  >>