للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَخَالِقُ أَفْعَالِهِمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (١)) ) اهـ

وَإِنَّمَا نَقَلْنَا هَذِهِ الْعِبَارَةَ بِنَصِّهَا؛ لِأَنَّهَا تلخيصٌ جيِّدٌ لِمَذَاهِبِ المتكلِّمين فِي الْقَدَرِ وَأَفْعَالِ الْعِبَادِ.

ـ[ (وَفِي بَابِ وَعِيدِ اللهِ بَيْنَ الْمُرْجِئَةِ (٢) [و] (٣) الْوَعِيدِيَّةِ (٤) مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَغِيْرِهِمْ) .]ـ

/ش/ قَوْلُهُ: ((وَفِي بَابِ وَعِيدِ اللَّهِ ... )) إلخ؛ يَعْنِي: أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَسَطٌ فِي بَابِ الْوَعِيدِ بَيْنَ المفرِّطين مِنَ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ قَالُوا: لَا يضرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذنبٌ، كَمَا لَا تَنْفَعُ مَعَ الْكُفْرِ طَاعَةٌ. وَزَعَمُوا أَنَّ الْإِيمَانَ مجرَّد التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ، وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ، وسُمُّوا بِذَلِكَ نِسْبَةً إِلَى الْإِرْجَاءِ؛ أَيِ التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَّرُوا الْأَعْمَالَ عَنِ الْإِيمَانِ.

وَلَا شكَّ أَنَّ الْإِرْجَاءَ بِهَذَا الْمَعْنَى كفرٌ يخرجُ صاحِبَهُ عَنِ الملَّة؛ فإنه لابد فِي الْإِيمَانِ مِنْ قولٍ بِاللِّسَانِ، واعتقادٍ بالجَنَان، وعملٍ بِالْأَرْكَانِ، فَإِذَا اختلَّ واحدٌ مِنْهَا لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا.


(١) الصافات: (٩٦) .
(٢) المرجئة: هم القائلون: الإيمان تصديق بالقلب، ونطق باللسان، والأعمال ليست من الإيمان. والكرّامية منهم يقولون: إن الإيمان هو مجرَّد النطق باللسان، وغلاتهم يقولون: هو تصديق بالقلب فقط، وإن لم ينطق بالشهادتين. وقالوا: لا يضرّ مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وانظر: (ص١٨٢) .
(٣) في المخطوط: [وبين] .
(٤) الوعيدية: هم قدرية يقولون بإنفاذ الوعيد، وأن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب؛ فهو مخلَّد في النار. وقالوا: إن الله توعَّد العاصين بالنار والعذاب، وهو لا يخلف الميعاد.

<<  <   >  >>