قَالَهُ اللَّهُ وَقَالَهُ رَسُولُهُ الَّذِي هُوَ أَعْلَمُ خَلْقِهِ بِهِ، وَأَنْ لَا يُتْرك ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ مَن يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَيَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا تَقْصُر دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَعَانِي المُرادة مِنْهُ لِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ: إِمَّا لِجَهْلِ الْمُتَكَلِّمِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا يتكلَّم بِهِ، وَإِمَّا لِعَدَمِ فَصَاحَتِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الْبَيَانِ، وَإِمَّا لَكَذِبِهِ وَغِشِّهِ وَتَدْلِيسِهِ. وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَرِيئَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَكَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ رَسُولِهِ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ وَالْبَيَانِ؛ كَمَا أَنَّهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي الصِّدْقِ وَالْمُطَابَقَةِ لِلْوَاقِعِ؛ لِصُدُورِهِ عَنْ كَمَالِ الْعِلْمِ بِالنِّسَبِ الْخَارِجِيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ صَادِرٌ عَنْ تَمَامِ النُّصْحِ، وَالشَّفَقَةِ، وَالْحِرْصِ عَلَى هِدَايَةِ الْخَلْقِ وَإِرْشَادِهِمْ.
فَقَدِ اجْتَمَعَتْ لَهُ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي هِيَ عَنَاصِرُ الدَّلَالَةِ وَالْإِفْهَامِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ.
فَالرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِمَا يُرِيدُ إِخْبَارَهُمْ بِهِ، وَهُوَ أَقْدَرُهُمْ عَلَى بَيَانِ ذَلِكَ وَالْإِفْصَاحِ عَنْهُ، وَهُوَ أَحْرَصُهُمْ عَلَى هِدَايَةِ الْخَلْقِ، وأشدُّهم إِرَادَةً لِذَلِكَ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِي كَلَامِهِ شَيْءٌ مِنَ النَّقْصِ وَالْقُصُورِ؛ بِخِلَافِ كَلَامِ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ نَقْصٍ فِي أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَوْ جَمِيعِهَا، فلَا يَصِحُّ أَنْ يُعْدَلَ بِكَلَامِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعْدَلَ عَنْهُ إِلَى كَلَامِ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ غَايَةُ الضَّلَالِ، وَمُنْتَهَى الْخِذْلَانِ.
ـ[ (وَلِهَذَا قَالَ: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١) .]ـ
(١) الصافات: (١٨٠-١٨٢) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute