للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمِمَّا يُحْمَدُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ نِعَمُهُ عَلَى عِبَادِهِ، الَّتِي لَا يُحْصِي أحدٌ مِنَ الْخَلْقِ عدَّها، وَأَعْظَمُهَا إِرْسَالُهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَبُشْرَى للمتَّقين؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ، وَالْعِزِّ وَالتَّمْكِينِ وَالسُّلْطَانِ، وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا عَلَى صِدْقِ رَسُولِهِ، وَحَقِيقَةِ مَا جَاءَ بِهِ.

وَشَهَادَتُهُ سُبْحَانَهُ تَكُونُ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَتَأْيِيدِهِ لِرَسُولِهِ بِالنَّصْرِ وَالْمُعْجِزَاتِ وَالْبَرَاهِينِ المتنوِّعة عَلَى أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ.

ـ[ (وأَشْهَدُ أَن لاَّ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِقْرَارًا بِهِ وَتَوْحِيدًا) .]ـ

/ش/ ((الشَّهَادَةُ)) : الْإِخْبَارُ بِالشَّيْءِ عَنْ عِلْمٍ بِهِ، وَاعْتِقَادٍ لِصِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ، وَلَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ مَصْحُوبَةً بِالْإِقْرَارِ وَالْإِذْعَانِ, وَوَاطَأَ القلبُ عَلَيْهَا اللِّسَانَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَذَّب الْمُنَافِقِينَ فِي قَوْلِهِمْ: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} ، مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ (١) .

و ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)) : هِيَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، الَّتِي اتَّفقت عَلَيْهَا كَلِمَةُ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ؛ بَلْ هِيَ خُلَاصَةُ دَعَوَاتِهِمْ وَزُبْدَةُ رِسَالَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَسُولٍ مِنْهُمْ إِلَّا جَعَلَهَا مُفْتَتَحَ أَمْرِهِ، وَقُطْبَ رَحَاهُ؛ كَمَا قَالَ نبيُّنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

((أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا؛ فَقَدْ


(١) يعني الشارح تكذيب الله لهم في الآية الأولى من سورة المنافقون في قوله: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} .

<<  <   >  >>