للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)) (١) .

وَدَلَالَةُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى التَّوْحِيدِ بِاعْتِبَارِ اشْتِمَالِهَا عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ الْمُقْتَضِي لِلْحَصْرِ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنَ الْإِثْبَاتِ المجرَّد؛ كَقَوْلِنَا: اللَّهُ وَاحِدٌ. مَثَلًا فَهِيَ تدلُّ بِصَدْرِهَا عَلَى نَفْيِ الْإِلَهِيَّةِ عمَّا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، وتدلُّ بِعَجُزِهَا عَلَى إِثْبَاتِ الْإِلَهِيَّةِ لَهُ وَحْدَهُ.

وَلَا بدَّ فِيهَا مِنْ إِضْمَارِ خبرٍ تَقْدِيرُهُ: لَا معبودَ بحقٍّ - موجودٌ (٢) - إلَّا اللَّهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ)) ؛ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا دلَّت عَلَيْهِ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ.

وَقَوْلُهُ: ((إِقْرَارًا بِهِ)) مصدرٌ مؤكِّدٌ لِمَعْنَى الْفِعْلِ: ((أَشْهَدُ)) ، وَالْمُرَادُ: إِقْرَارُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ.

وَقَوْلُهُ: ((تَوْحِيدًا)) ؛ أَيْ: إِخْلَاصًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْعِبَادَةِ، فَالْمُرَادُ بِهِ التَّوْحِيدُ الْإِرَادِيُّ الطَّلَبِيُّ الْمَبْنِيُّ عَلَى تَوْحِيدِ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِثْبَاتِ.

ـ[ (وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا) .]ـ

/ش/ وَجَعَلَ الشَّهَادَةَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرِّسَالَةِ وَالْعُبُودِيَّةِ مَقْرُونًا بِالشَّهَادَةِ لِلَّهِ


(١) رواه بألفاظ مختلفة: البخاري في أول الزكاة (٣/٢٦٢-فتح) ، وفي استتابة المرتدين، ومسلم في الإيمان، (باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله) (١/٣١٤-نووي) ، والترمذي، والنسائي، وأبو داود.
انظر: ((جامع الأصول)) رقم (٣٥-٤٢) .
(٢) يعني المؤلِّف أن هذه الكلمة تقدير لخبر مستتر؛ للا النافية للجنس.

<<  <   >  >>