للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالتَّوْحِيدِ؛ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كلٍّ مِنْهُمَا، فَلَا تُغني إِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى، وَلِهَذَا قَرَنَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَذَانِ، وَفِي التَّشَهُّدِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (١) :

((يَعْنِي: لَا أُذْكَرُ إلاَّ ذُكِرتَ مَعِي)) (٢) (*) .

وَإِنَّمَا جَمَعَ لَهُ بَيْنَ وَصْفَيِ الرِّسَالَةِ وَالْعُبُودِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْلَى مَا يُوصَفُ بِهِ الْعَبْدُ.

وَالْعِبَادَةُ: هِيَ الْحِكْمَةُ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ لِأَجْلِهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (٣) .

فَكَمَالُ الْمَخْلُوقِ فِي تَحْقِيقِ تِلْكَ الْغَايَةِ، وَكُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ تَحْقِيقًا لِلْعُبُودِيَّةِ؛ ازْدَادَ كَمَالُهُ، وَعَلَتْ دَرَجَتُهُ.

وَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ نبيَّه بِلَقَبِ الْعَبْدِ فِي أَسْمَى أَحْوَالِهِ وَأَشْرَفِ مَقَامَاتِهِ؛ كَالْإِسْرَاءِ بِهِ، وَقِيَامِهِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، وَالْإِيحَاءِ إِلَيْهِ، والتحدِّي بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ.


(١) الشرح: (٤) .
(٢) صح عن مجاهد أنه قال في تفسير هذه الآية: ((لا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي: أشهد ألا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله)) . وقال الألباني في ((فضل الصلاة على النبي)) لابن إسحاق القاضي (ص٨٦) : ((إسناده مرسل صحيح، فهو حديث قدسي مرسلٌ)) .
وروى أبو يعلى (٢/٥٢٢) بإسناد ضعيف، من حديث أبي سعيد الخدري رفعه: ((إذا ذُكرتُ ذكرتَ معي)) .
وانظر: ((الدُّر المنثور)) (٨/٥٤٩) .
(٣) الذاريات: (٥٦) .

[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
رواه إسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مجاهد قال: حدثنا ابن عبد الله قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد «ورفعنا لك ذكرك» قال: لا أذكر إلا ذكرت معي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله «اهـ. إسماعيل الأنصاري. [ص ١٣]

<<  <   >  >>