للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَهْلُ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ بِإِزَاءِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فَرِيقَانِ:

١- فريقٌ لَا يتورَّع عَنْ رَدِّهَا وَإِنْكَارِهَا إِذَا وَرَدَتْ بِمَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ؛ بِدَعْوَى أَنَّهَا أَحَادِيثُ آحَادٍ لَا تُفِيدُ إلاَّ الظنَّ، وَالْوَاجِبُ فِي بَابِ الِاعْتِقَادِ الْيَقِينُ، وَهُؤَلَاءِ هُمُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْفَلَاسِفَةُ.

٢- وَفَرِيقٌ يُثبتها وَيْعْتَقِدُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ، وَلَكِنَّهُ يَشْتَغِلُ بِتَأْوِيلِهَا؛ كَمَا يَشْتَغِلُ بِتَأْوِيلِ آيَاتِ الْكِتَابِ، حَتَّى يخرِجَها عَنْ مَعَانِيهَا الظَّاهِرَةِ إِلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْ معانٍ بِالْإِلْحَادِ وَالتَّحْرِيفِ، وهؤلاء هم متأخِّرو الْأَشْعَرِيَّةِ، وَأَكْثَرُهُمْ توسُّعًا فِي هَذَا الْبَابِ الْغَزَالِيُّ (١) ، والرَّازي (٢) .

قَوْلُهُ: ((وَمَا وَصَفَ الرَّسُولُ بِهِ ... )) إلخ؛ يَعْنِي: أَنَّهُ كَمَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ تحريفٍ وَلَا تعطيلٍ وَلَا تكييفٍ وَلَا تمثيلٍ؛ كَذَلِكَ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا وَصَفَهُ بِهِ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِرَبِّهِ وَبِمَا يَجِبُ لَهُ، وَهُوَ رَسُولُهُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

قَوْلُهُ: ((كَذَلِكَ)) ؛ أَيْ: إِيمَانًا مِثْلَ ذَلِكَ الْإِيمَانِ، خَالِيًا مِنَ التَّحْرِيفِ


(١) هو أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، الشافعي، المتكلم، المتصوِّف، الفقيه، الأصولي، تاه في متاهات علم الكلام والتصوف فضَّل وأضلَّ، وقيل: رجع قبل وفاته.
ولد بطوس سنة (٤٥٠هـ) ، ومن أشهر تصانيفه: ((إحياء علوم الدين) .
(٢) هو فخر الدين محمد بن ضياء الدين عمر بن الحسين القرشي البكري الطبرستاني، ولد سنة (٥٤٤هـ) ، أصولي، متكلم، مفسر، له تصانيف كثيرة مليئة بالضلالات والبدع والخرافات والسحر، منها ((التفسير الكبير)) أو ((مفاتيح الغيب)) ، مات سنة (٦٠٦هـ) بعد أن رجع وتاب.

<<  <   >  >>