للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

/ش/ قَوْلُهُ: ((إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ... )) إلخ. لَمَّا كَانَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنَ الْأَحَادِيثِ لَيْسَ هُوَ كُلَّ مَا وَرَدَ فِي بَابِ الصِّفَاتِ مِنَ الْأَخْبَارِ؛ نبَّه عَلَى أَنَّ أَمْثَالَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا ممَّا يُخْبِرُ فِيهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَبِّهِ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ، فَإِنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِمَا يتضمَّنه مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ.

ثُمَّ عَادَ فأكَّد مُعْتَقَدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَهُوَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ مِنْ صِفَاتٍ؛ كَإِيمَانِهِمْ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ، وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ، وَلَا تَمْثِيلٍ.

ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِأَنَّهُمْ وسطٌ بَيْنَ فِرَق الضَّلَالِ والزَّيغ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ كَمَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ وسطٌ بَيْنَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (١) .

وَمَعْنَى {وَسَطًا} : عُدولاً خِيَارًا؛ كَمَا وردَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ (٢) .


(١) البقرة: (١٤٣) .
(٢) يشير إلى ما رواه البخاري في التفسير، (باب: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (٨/١٧١-فتح) ، وفي الأنبياء، وفي الاعتصام، والترمذي في التفسير، (باب: ومن سورة البقرة) (٨/٢٩٧-تحفة) ؛ عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا:
((يُدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب! فيقول: هل بَلَّغتَ؟ فيقول: نعم. فيقال لأمته: هل بلَّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقول: مَن يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته. فيشهدون أنه قد بلَّغ، ويكون الرسول عليكم شهيدًا، فذلك قوله جلّ ذكره: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} )) .
قال الحافظ في ((الفتح)) (٨/١٧٢) :
((قوله: ((والوسط: العدل)) هو مرفوع من نفس الخبر، وليس بمدرج من قول بعض الرواة؛ كما وهم فيه بعضهم)) .

<<  <   >  >>