للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} ؛ مَثَلًا أَوْ شَبِيهًا)) (١) .

وَالِاسْتِفْهَامُ فِي الْآيَةِ إِنْكَارِيٌّ، مَعْنَاهُ النَّفْيُ؛ أَيْ: لَا تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ؛ فَالْمُرَادُ بِالْكُفْءِ: الْمُكَافِئُ الْمُسَاوِي.

فَهَذِهِ الْآيَةُ تَنْفِي عَنْهُ سُبْحَانَهُ النَّظِيرَ وَالشَّبِيهَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ {أَحَدٌ} وَقَعَ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَيَعُمُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَفْسِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ كُلِّهَا، فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً ... } إلخ. فَالْأَنْدَادُ جَمْعُ نِدٍّ، وَمَعَنْاهُ ـ كَمَا قِيلَ ـ: النَّظِيرُ الْمُنَاوِئُ. وَيُقَالُ: لَيْسَ لِلَّهِ ندٌّ وَلَا ضدٌّ، وَالْمُرَادُ نَفْيُ مَا يُكَافِئُهُ وَيُنَاوِئُهُ، وَنَفْيُ مَا يُضَادُّهُ وَيُنَافِيهِ.

وَجُمْلَةُ: {وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} وَقَعَتْ حَالًا مِنَ الْوَاوِ فِي {تَجْعَلُواْ} ، وَالْمَعْنَى: إِذَا كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ وَحْدَهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، وَأَنَّ هَذِهِ الْآلِهَةَ الَّتِي جَعَلْتُمُوهَا لَهُ نُظَرَاءَ وَأَمْثَالًا وَسَاوَيْتُمُوهَا بِهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِبَادَةِ لَا تَخْلُقُ شَيْئًا، بَلْ هِيَ مَخْلُوقَةٌ، وَلَا تَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا؛ فَاتْرُكُوا عِبَادَتَهَا، وأفرِدوه سُبْحَانَهُ بِالْعِبَادَةِ وَالتَّعْظِيمِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ ... } إِلَخْ؛ فَهُوَ إخبارٌ مِنَ اللَّهِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّهُمْ يحبُّون آلِهَتَهُمْ كَحُبِّهِمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ يَعْنِي: يَجْعَلُونَهَا


(١) انظر: ((الفتاوى)) (٣/٤) .
وأثر ابن عباس أورده ابن جرير في تفسير الآية بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقد تقدَّم الكلام (ص١١٤) عن رواية علي عن ابن عباس رضي الله عنه.
وانظر أيضًا: ((تفسير ابن كثير)) (٥/٢٤٥) .

<<  <   >  >>