للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ مَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ فِيهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ارْتَكَبُوهُ مِنَ الذُّنُوبِ الْمُحَقَّقَةِ؛ فَكَيْفَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَالْخَطَأُ فِيهَا مغفورٌ.

ثُمَّ إِذَا قِيس هذا الذي أخطؤوا فِيهِ إلى جانب مالهم مِنْ مَحَاسِنَ وَفَضَائِلَ؛ لَمْ يَعْدُ أَنْ يَكُونَ قَطْرَةً فِي بَحْرٍ.

فَاللَّهُ الَّذِي اخْتَارَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الَّذِي اخْتَارَ لَهُ هَؤُلَاءِ الْأَصْحَابَ، فَهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالصَّفْوَةُ الْمُخْتَارَةُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الْأُمَمِ.

ومَن تأمَّل كَلَامَ المؤلِّف رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَأْنِ الصَّحَابَةِ عَجِبَ أَشَدَّ الْعَجَبِ مِمَّا يَرْمِيهِ بِهِ الْجَهَلَةُ المتعصِّبُون، وادِّعائهم عَلَيْهِ أَنَّهُ يتهجَّم عَلَى أَقْدَارِهِمْ، ويغضُّ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَيَخْرِقُ إِجْمَاعَهُمْ ... إِلَى آخِرِ مَا قَالُوهُ مِنْ مَزَاعِمَ وَمُفْتَرَيَاتٍ.

ـ[ (وَمِنْ أُصًولِ أَهْلِ السُّنَّةِ: التَّصْدِيقُ بِكَرَامَاتَ الأَوْلِيَاءِ وَمَا يُجْرِي اللهُ عَلَى أَيْدِيهِم مِّنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ فِي أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالْمُكَاشَفَاتِ وَأَنْوَاعِ الْقُدْرَةِ وَالتَّأْثِيرَات (١) ، [كَالْمَأثُورِ] (٢) عَنْ سَالِفِ الأُمَمِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ وَغَيْرِهَا، وَعَنْ صَدْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ [قُرُونِ] (٣) الأُمَّةِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) .]ـ


(١) قوله: ((أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات)) ؛ أي أن كرامات الأولياء تنقسم إلى قسمين: (١) علم وكشف. (٢) قدرة وتأثير. أما الأول فكأن يُعلمه الله ويُطلعه ويكشف له ما لا يكشف لغيره يقظة أو منامًا، كما حدث لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة: يا سارية الجبل. وأما الثاني؛ فكأن تكون له قدرة وتأثير على الأشياء ليست لغيره، كما وقع لمريم عليها السلام وما حدث لأصحاب الكهف.
انظر: ((مجموع الفتاوى)) (١١/٣١٤-٣١٨) .
(٢) كذا المخطوط، و ((الفتاوى)) وفي المطبوع: [والمأثور] .
(٣) كذا في المخطوط والفتاوى، وفي المطبوع: [فرق] ، والمثبت أصح.

<<  <   >  >>