ـ[الصَّابِرِينَ} (١)) .]ـ
/ش/ قَوْلُهُ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات ... } ِ إلخ؛ تضمَّنت هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ إِثْبَاتَ صِفَةِ المعيَّة لَهُ عزَّ وجلَّ، وَهِيَ عَلَى نَوْعَيْنِ.
١٧- معيَّة عامَّة: شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَ كُلِّ شَيْءٍ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ وَإِحَاطَتِهِ، لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يُعْجِزُهُ، وَهَذِهِ المعيَّة الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ.
فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ هُوَ وَحْدَهُ الذي خلق السموات وَالْأَرْضَ ـ يَعْنِي: أَوْجَدَهُمَا عَلَى تَقْدِيرٍ وَتَرْتِيبٍ سَابِقٍ فِي مُدَّةِ سِتَّةِ أَيَّامٍ ـ، ثُمَّ عَلَا بَعْدَ ذَلِكَ وَارْتَفَعَ عَلَى عَرْشِهِ؛ لِتَدْبِيرِ أُمُورِ خَلْقِهِ. وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَ عَرْشِهِ لَا يَغِيبُ عَنْهُ شيءٌ مِنَ العالَمَيْن العُلويِّ والسُّفليِّ؛ فَهُوَ {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ} ؛ أَيْ: يَدْخُلُ {فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ} ؛ أَيْ: يَصْعَدُ {فِيهَا} ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَن كَانَ عِلْمُهُ وَقُدْرَتُهُ محيطَيْن بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ؛ فَهُوَ مَعَ كُلِّ شَيْءٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} .
قَوْلُهُ: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ... } إلخ؛ يُثْبِتُ سُبْحَانَهُ شُمُولَ عِلْمِهِ وَإِحَاطَتَهُ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ نَجْوَى الْمُتَنَاجِينَ، وَأَنَّهُ شهيدٌ عَلَى الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، مطَّلِع عَلَيْهَا.
وَإِضَافَةُ {نَّجْوَى} إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ، وَالتَّقْدِيرُ: مَا يَكُونُ مِنْ ثَلَاثَةٍ نَجْوَى؛ أَيْ: مُتَنَاجِينَ.
(١) البقرة: (٢٤٩) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute