للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- صِفَاتٌ فعليَّة تَتَعَلَّقُ بِهَا مَشِيئَتُهُ وَقُدْرَتُهُ كُلَّ وَقْتٍ وَآنٍ، وَتَحْدُثُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ آحَادُ تِلْكَ الصِّفَاتِ مِنَ الْأَفْعَالِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِهَا، بِمَعْنَى أَنَّ نَوْعَهَا قَدِيمٌ، وَأَفْرَادَهَا حَادِثَةٌ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَزَلْ فَعَّالًا لِمَا يُرِيدُ، وَلَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ يَقُولُ ويتكلَّم وَيَخْلُقُ ويدبِّر الْأُمُورَ، وَأَفْعَالُهُ تَقَعُ شَيْئًا فَشَيْئًا، تَبَعًا لِحِكْمَتِهِ وَإِرَادَتِهِ.

فَعَلَى الْمُؤْمِنِ الإيمان بكل مانسبه اللَّهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ المتعلِّقة بِذَاتِهِ؛ كَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، وَالْمَجِيءِ، وَالْإِتْيَانِ، وَالنُّزُولِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَالضَّحِكِ، وَالرِّضَى، وَالْغَضَبِ، وَالْكَرَاهِيَةِ، وَالْمَحَبَّةِ. والمتعلِّقة بِخَلْقِهِ؛ كَالْخَلْقِ, وَالرِّزْقِ، وَالْإِحْيَاءِ، وَالْإِمَاتَةِ، وَأَنْوَاعِ التَّدْبِيرِ الْمُخْتَلِفَةِ.

الْأَصْلُ الثَّالِثُ: إِثْبَاتُ تفرُّد الربِّ جلَّ شَأْنُهُ بِكُلِّ صِفَةِ كَمَالٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ مثيلٌ فِي شيءٍ مِنْهَا.

وَمَا وَرَدَ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ مِنْ إِثْبَاتِ الْمَثَلِ الْأَعْلَى لَهُ وَحْدَهُ، وَنَفْيِ النِّدِّ وَالْمِثْلِ وَالْكُفْءِ وَالسَّمِيِّ وَالشَّرِيكِ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ كَمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ منزَّه عَنْ كُلِّ نقصٍ وعيبٍ وآفةٍ.

الْأَصْلُ الرَّابِعُ: إِثْبَاتُ جَمِيعِ مَا وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنَ الصِّفَاتِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّاتِيَّةِ مِنْهَا؛ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْحَيَاةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَنْحَوِهَا، وَالْفِعْلِيَّةِ؛ كَالرِّضَا وَالْمَحَبَّةِ وَالْغَضَبِ وَالْكَرَاهَةِ، وَكَذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ إِثْبَاتِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا، وَبَيْنَ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالنُّزُولِ، فَكُلُّهَا مِمَّا اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى إِثْبَاتِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَبِلَا تَشْبِيهٍ وَتَمْثِيلٍ.

وَالْمُخَالِفُ فِي هَذَا الْأَصْلِ فَرِيقَانِ:

١- الجهميَّة: يَنْفُونَ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ جَمِيعًا.

<<  <   >  >>