للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ـ[وَهَذَا التَّقْدِيرُ التَّابِعُ لِعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ يَكُونُ فِي مَوَاضِعَ جُمْلَةً وَتَفْصيِلاً: فَقَدْ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَا شَاءَ. وَإِذَا خَلَقَ جَسَدَ الْجَنِينِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ؛ بَعَثَ إِلَيْهِ مَلَكًا، فَيُؤْمَرُ بِأْرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ: رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ. وَنَحْوَ ذَلِكَ ... فَهَذَا التَّقْدِيرُ قَدْ كَانَ يُنْكِرُهُ غُلاةُ الْقَدَرِيَّةِ قَدِيمًا، وَمُنْكِرُهُ الْيَوْمَ قَلِيلٌ) (١) .]ـ

/ش/ فَالدَّرَجَةُ الْأُولَى تتضمَّن:

أَوَّلاً: الْإِيمَانُ بِعِلْمِهِ الْقَدِيمِ الْمُحِيطِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى عَلم بِهَذَا الْعِلْمِ الْقَدِيمِ الْمَوْصُوفِ بِهِ أَزَلًا وَأَبَدًا كلَّ مَا سَيَعْمَلُهُ الْخَلْقُ فِيمَا لَا يَزَالُ، وَعَلِمَ بِهِ جَمِيعَ أَحْوَالِهِمْ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ.

فَكُلُّ مَا يُوجَدُ مِنْ أَعْيَانٍ وَأَوْصَافٍ وَيَقَعُ مِنْ أَفْعَالٍ وَأَحْدَاثٍ فَهُوَ مطابقٌ لِمَا عَلِمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَزَلًا.

ثَانِيًا: أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ ذَلِكَ كُلَّهُ وسجَّله فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، فَمَا عَلِمَ اللَّهُ كَوْنَهُ وَوُقُوعَهُ مِنْ مَقَادِيرِ الْخَلَائِقِ وَأَصْنَافِ الْمَوْجُودَاتِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ


(١) هذا التقسيم بهذه الصورة وجَعْل القدر أربع مراتب لم يكن معروفًا من قبل، وقد يكون أول من فصَّله هو شيخ الإسلام رحمه الله، فزعم بعض المغرضين أنها بدعة ابتدعها، لكن من قرأ كلام السلف علم أنهم يعنون بالإيمان بالقدر الإيمان بهذه المراتب، وعدم الإيمان بواحدة منها لا يحقِّق الإيمان بالقدر، والمراتب هي: علم الله بكل شيء، وكتابته، ومشيئته النافذة وأنه خالق كل شيء. فلا حرج من التقسيم والتبويب من أجل التوضيح.

<<  <   >  >>