للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل الرحمة مستثنين من الاختلاف.

وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} (١) .

وقال صلى الله عليه وآله وسلم:

((إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين مِلّة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين مِلّة (يعني: الأهواء) ، كلها في النار؛ إلا واحدة، وهي الجماعة)) (٢) . وفي رواية: قالوا: مَن هي يا رسول الله؟ قال: ((ما أنا عليه وأصحابي)) (٣) .

والأمورُ التي تتنازع فيها الأمة في الأصول والفروع، إذا لم تُردَّ إلى الله تعالى والرسول صلَّى الله عليه وآله وسلم؛ لم يتبيَّن فيها الحقُّ، بل يصير فيها المتنازعون على غير بيِّنة من أمرهم: فإن رحمهم اللهُ؛ أقرَّ بعضُهم بعضًا، ولم يبغِ بَعضُهم على بعضٍ؛ كما كان الصحابة في خلافة عمر وعثمان يتنازعون في بعض مسائل الاجتهاد، فيُقر بعضهم بعضًا، ولا يَعتدِي، ولا يُعتدَى عليه. وإن لم يُرحَمُوا؛ وقعَ بينهم الاختلافُ المذموم، فبغَى بعضهم على بعض: إمّا بالقول؛ مثل تكفيره وتفسيقه، وإمّا بالفعل؛ مثل حبسه وضربه وقتله.

فالناس إذا خفي عليهم بعض ما بعث الله به الرسول: إمّا عادلون، وإمّا ظالمون؛ فالعادل فيهم: الذي يعمل بما وصل إليه من آثار الأنبياء ولا يظلم غيره، والظالم: الذي يعتدي على غيره.


(١) البقرة: (١٧٦) .
(٢) تقدم تخريجه (ص٩٣) .
(٣) تقدم تخريجه (ص٩٣) .

<<  <   >  >>