للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه} (١) ؛ أي: عبد ما تهواه نفسه.

وإنما دخل الفساد في العالم من ثلاث فرق؛ كما قال عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه:

رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ ... وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إدْمِانُهَا

وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ ... وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا

وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ إلاَّ الْمُلُوكُ ... وَأَحْبَارُ سُوءٍ وَرُهبَانُهَا

فالملوك الجائرة يعترضون على الشريعة بالسياسات الجائرة، ويعارضونها بها، ويقدمونها على حكم الله ورسوله.

وأحبار السوء، وهم العلماء الخارجون عن الشريعة، بآرائهم وأقيستهم الفاسدة المتضمنة تحليل ما حرم الله ورسوله، وتحريم ما أباحه، واعتبار ما ألغاه، وإلغاء ما اعتبره، وإطلاق ما قيده، وتقييد ما أطلقه ... ونحو ذلك.

والرهبان، وهم جهَّال المتصوفة، المعترضون على حقائق الإيمان والشرع بالأذواق والمواجيد والخيالات والكشوفات الباطلة الشيطانية، المتضمنة شرع دين لم يأذن به الله، وإبطال دينه الذي شرعه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، والتعوُّض عن حقائق الإيمان بخدع الشيطان وحظوظ النفس.

فقال الأولون: إذا تعارضت السياسة والشرع؛ قدمنا السياسة!


(١) الفرقان: (٤٣) .

<<  <   >  >>