وَيَحْسُنُ جَعْلُ المقدَّر مُتَأَخِّرًا؛ ((لِأَنَّ الِاسْمَ أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ، وَلِأَنَّ تَقْدِيمَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ يُفِيدُ اخْتِصَاصَ الِاسْمِ الْكَرِيمِ بِكَوْنِهِ متَبرَّكًا بِهِ، وَالِاسْمُ هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِمَعْنًى تَعْيِينًا لَهُ أَوْ تَمْيِيزًا)) .
واختُلِفَ فِي أَصْلِ اشْتِقَاقِهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ مِنَ السِّمَةِ؛ بِمَعْنَى: الْعَلَامَةِ. وَقِيلَ: مِنَ السُّمُوِّ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
وَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ.
وَلَيْسَ الِاسْمُ نَفْسُ المسمَّى؛ كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ، فَإِنَّ الِاسْمَ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ، والمسمَّى هُوَ الْمَعْنَى الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الِاسْمِ.
وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ نَفْسَ التَّسْمِيَةِ؛ فَإِنَّهَا فِعْلُ المسمِّي؛ يُقَالُ: سميتُ وَلَدِي مُحَمَّدًا؛ مَثَلًا.
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إِنَّ لَفْظَ الِاسْمِ هُنَا مُقْحَمٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعَانَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِاللَّهِ عزَّ وجلَّ لَا بِاسْمِهِ. لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ ذِكْرُ الِاسْمِ الْكَرِيمِ بِاللِّسَانِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ:
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (١) .
أَيْ: سبِّحْهُ نَاطِقًا بِاسْمِ رَبِّكَ، متكلِّمًا بِهِ، فَالْمُرَادُ التبرُّك بِالِابْتِدَاءِ بِذِكْرِ اسْمِهِ تَعَالَى.
وَاسْمُ الْجَلَالَةِ؛ قِيلَ: إِنَّهُ اسْمٌ جامدٌ غَيْرُ مشتقٍّ؛ لِأَنَّ الِاشْتِقَاقَ يَسْتَلْزِمُ مَادَّةً يُشْتَقُّ مِنْهَا، وَاسْمُهُ تَعَالَى قَدِيمٌ، وَالْقَدِيمُ لَا مادَّة لَهُ، فَهُوَ كَسَائِرِ الْأَعْلَامِ المَحْضَة، الَّتِي لَا تتضمَّن صفاتٍ تَقُومُ بمسمَّياتِها.
(١) الأعلى: ١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute