وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملا والشافعي حققه
ومنهم من يرى أن مجرد التفرد شذوذ، مجرد التفرد شذوذ، وسيأتي تقريره وتحقيقه -إن شاء الله تعالى- في بابه.
"ولا معللاً" يعني مشتمل على علة، والعلة: سبب خفي يقدح في صحة الخبر الذي ظاهره السلامة من هذه العلة، ويأتي -إن شاء الله- بحث المعلّ، هم يقولون: المعلل والمعلول، لكنها لغات مردودة ضعيفة، فالأصل أن يقال: المعل على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، فعلى هذا يكون الحديث الصحيح ما اشتمل على شروطٍ كم؟ خمسة، أن يتصل إسناده بنقل العدل الضابط مع انتفاء الشذوذ والعلة، فلذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله- في تعريفه:
فالأول المتصل الإسنادِ ... بنقل عدلٍ ضابط الفؤادِ
عن مثله من غير ما شذوذِ ... وعلةٍ قادحةٍ فتوذِ
الذي يتصل إسناده، قيد، يخرج به ما انقطع إسناده، سواء كان الانقطاع ظاهراً أو خفياً، فالانقطاع الظاهر يشمل المعلق والمرسل والمعضل والمنقطع أيضاً، على ما سيأتي والانقطاع الخفي يشمل المرسل الخفي والمدلس.
"بنقل العدل" يخرج ما رواه غير العدل، ومن ارتكب معصية تخل بعدالته وتخرجه عن ملازمة التقوى، بأن يرتكب كبيرة أو يترك واجب، فمثل هذا فاسق، وقد أمرنا بالتثبت في الخبر، فلا نقل خبره حتى نتثبت فيه، والتثبت أن يأتينا من طرق أخرى، فالعدالة تتطلب التقوى والمروءة، مما يخل بالعدالة الفسق، ومن باب أولى الكفر، والفسق منه الفسق العملي، ارتكاب المحرمات، ومنه الفسق الاعتقادي على ما سيأتي بحثه في رواية المبتدع.
ومن أهم ما ينظر إليه في هذا الباب الكذب؛ لأن الأخبار مدارها على الصدق، ولذا يفردونه، وإن كان كاذب يدخل في الفاسق، والتهمة بالكذب والفرق بينهما أن من يطلق عليه وصف كذب يراد به أن يكذب في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-، والذي يتهم بالكذب لا يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعرف عنه الكذب في حديثه مع الناس، يقول: ثم أخذ يبين فوائده وما احترز بها عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ، وما فيه علة قادحة، وما في راويه نوع جرح، يعني بأحد الطعون الخمسة، التهمة بالكذب، الفسق، البدعة، الجهالة، على ما سيأتي تفصليه -إن شاء الله تعالى-.