الوصية: شخص عنده كتب من مروياته، أراد السفر قال: بدل ما أشيل هذه الكتب معي، أعرضها للتلف في فلان طالب علم يستفيد منها نعطيها إياه، أو حضرته الوفاة قال: بدل ما توزع هذه الكتب وتباع بالحراج بأبخس الأثمان، ويمكن يتفرق كل جزء يصير في بيت، تشال هذه الكتب برمتها وتسلم للطالب الفلاني، طالب علم ينفع الله به الإسلام والمسلمين، يستفيد من هذه الكتب، أوصى بكتبه لزيد من الناس، هل لزيد الموصى له أن يروي عن الموصي بمجرد الوصية؟ إذا آلت كتب زيد لعمرو يرويها عنه من غير إذن في الرواية؟ يعني إيش الفرق بين كونه يوصي بها إليه، أو يروح يشتريها من السوق؟ وجدها تباع في الحراج فاشتراها؟ يعني هل لهذه الوصية أثر في الرواية؟ ليس لها أثر في الرواية، وإن أجاز بعضهم الرواية بمجرد الإعلام، وهذا كما قال ابن الصلاح:"بعيد، وهو إما زلة عالم أو متأول، إلا أن يكون أراد بذلك الرواية بمجرد الوجادة" على القسم الثامن الذي سيأتي، يعني إذ وجد كتب وأحاديث بخط الشيخ الذي لا يشك فيه على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
نعم، القسم الثامن.
[الوجادة:]
القسم الثامن: الوجادة، وصورتها: أن يجد حديثاً أو كتاباً بخط شخصٍ بإسناده، فله أن يرويه عنه على سبيل الحكاية، فيقول: وجدت بخط فلان حدثنا فلان ويسنده، ويقع هذا كثيراً في مسند الإمام أحمد يقول ابنه عبد الله: وجدتُ بخط أبي حدثنا فلان ويسوق الحديث، وله أن يقول: قال فلان إذا لم يكن فيه تدليس يوهم اللقي، قال ابن الصلاح: وجازف بعضهم فأطلق به حدثنا أو أخبرنا، وانتقد ذلك على فاعله، وله أن يقول فيما وجد من تصنيفه بغير خطه: ذكر فلان وقال فلان أيضاً، ويقول: بلغني عن فلان فيما لم يتحقق أنه من تصنيفه أو مقابلة كتابه، والله أعلم.
قلتُ: والوجادة ليست من باب الرواية إنما هي حكاية عما وجده في الكتاب، أما العمل بها فمنع منه طائفةٌ كثيرةٌ من الفقهاء والمحدثين أو أكثرهم فيما حكاه بعضهم، ونقل عن الشافعي وطائفة من أصحابه جواز العمل بها.