"وقد يقع في بعض الأسانيد فلان عن أبيه عن أبيه عن أبيه وأكثر من ذلك" إلى ستة عشر شخصاً، فلان عن أبيه عن أبيه عن أبيه .. إلى آخره، وهذا لا شك أنه في الغالب أنه لا يصح؛ لأنه يكون في الإسناد والوسائط ممن هو غير مرضي، التميميين الحنابلة يروي بعضهم عن بعض في ستة عشر راوياً، فلان عن أبيه عن أبيه عن أبيه، وفيهم الواهي جداً، والله المستعان، نعم.
[النوع السادس والأربعون: في معرفة رواية السابق واللاحق:]
النوع السادس والأربعون: في معرفة رواية السابق واللاحق، وقد أفرد له الخطيب كتاباً، وهذا إنما يقع عند رواية الأكابر عن الأصاغر، ثم يروي عن المروي عنه متأخر.
كما روى الزهري عن تلميذه مالك بن أنس، وقد توفي الزهري سنة أربع وعشرين ومائة, وممن روى عن مالك زكريا بن دويد الكندي، وكانت وفاته بعد وفاة الزهري بمائة وسبع وثلاثين سنة أو أكثر، قاله ابن الصلاح.
وهكذا روى البخاري عن محمد بن إسحاق السراج, وروى عن السراج أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري, وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة, فإن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين, وتوفي الخفاف سنة أربع أو خمس وتسعين وثلاثمائة، كذا قاله ابن الصلاح.
قلت: وقد أكثر من التعرض لذلك شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي في كتابه: (التهذيب)، وهو مما يتحلى به كثير من المحدثين, وليس من المهمات فيه.
رواية السابق واللاحق يجلس الشيخ للإقراء والتحديث في حداثة سنه، فيروي عنه شخص فلا يطول عمره يموت بعد الرواية، ثم يطول عمر الشيخ ويدركه أناس بعد عقود فيأخذون عنه في أواخر حياته، ثم يعمر واحد منهم، فيكون بين وفاة هذا المعمر وبين ذلك الطالب الذي أخذ العلم عن الشيخ ومات في أول الأمر ما ذُكر بل أكثر وقد يصل إلى مائة وخمسين سنة، نعم؟