قال: فرعٌ، ويجوز السماع من وراء حجاب، كما كان السلف يروون عن أمهات المؤمنين، واحتج بعضهم بحديث:((حتى ينادي ابنُ أمِّ مكتوم)) وقال بعضهم عن شعبة: إذا حدثك من لا ترى شخصه فلا تروي عنه، فلعله الشيطان قد تصور في صورته يقول: حدثنا أخبرنا، وهذا عجيبٌ وغريبٌ جداً.
نعم، السماع من وراء حجاب، شخص لا يرى الشيخ، الشيخ في مكان والطالب في مكانٍ آخر، أو المحَدث عنه امرأة، امرأة تحدث والطلاب يسمعون من وراء حجاب، دون اختلاط بين الرجال والنساء، كما كان الصحابة والتابعون يروون عن أمهات المؤمنين، وهن في بيوتهن، والرواية من وراء حجاب جائزة، صحيحة، والسماع صحيح، السماع صحيح، وإن شدد شعبة فقال: لا تروي عن الشيخ إلا إذا كنت تراه؛ لأنه قد يكون شيطان من وراء هذا الجدار يتكلم وأنت ما تدري، لكن هذا إذا عرف صوت الشيخ، وكان الكلام الذي يتكلم به الشيخ يليق به أن يقوله هذا الشيخ لا بأس، وإلا فقد تلبست الشياطين ببعض الشيوخ، وشيخ الإسلام حصل له من ذلك الشيء الكثير، كثيراً ما يتلبس الشيطان بصورة الشيخ بصورته، والناس يرونه يقول: أنا فلان، أنا أحمد بن تيمية يقول كذا، لكن يُعرف أن هذا الكلام الذي يقوله هذا الشيطان لا يليق بمقام الشيخ، وقد نبه الشيخ مراراً في مؤلفاته، وفي مناسبات كثيرة أن الشيطان قد تلبس به، وألقى عن الناس كذا، وأنا منه بريء.
لكن إذا وثقنا من صوت الشيخ، وسمعنا هذا الكلام، وأنه يليق بالشيخ أن يقول مثل هذا الكلام فالأصل الجواز، والناس من عصره -عليه الصلاة والسلام- إلى يومنا هذا يفطرون بسماع صوت المؤذن، وإن لم يروا شخصه، إذا سمعوا المؤذن قال: الله أكبر، أفطروا في رمضان، والصيام ركنٌ من أركان الإسلام، ويعتمدون صوته وهم لا يرون شخصه، وهذا صائغٌ شائع في بلاد المسلمين وأمصارهم كما هو معروف، وأما ما أبداه شعبة من أنه قد يكون شيطان فلا وجه له، نعم قد .. ، قد يتلبس الشيطان في بعض الناس، لكن ما يتلبس ويقول كلام يليق بالشيخ، لا بد أن يأتي بكلام له منه هدف، منه مقصد، لا يقوله الشيخ ولا يليق به، وحينئذٍ يعرف أنه شيطان.
شرح: فرعٌ: إذا حدثه بحديث ثم قال: لا تروه عني ... :