"قلتُ: وقد أكثر من التعرض إلى ذلك شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي في كتابه: (التهذيب)، وهو مما يتحلى به كثيرٌ من المحدثين" يزعم أنه عُمّر، وأنا عُمّرت، وأنا أخذت، وأنا زاملت، لكنه ليس من المهمات، العبرة بما جنيت من علمٍ وعمل، كونك تأخرت أو تقدمت الكمال الإجباري والنقص الإجباري لا مدح فيه ولا ذم، لكن الكلام على الاختياري، إيش معنى هذا الكلام؟ رجل طويل يفتخر على الناس أنه طويل؟ أو قصير يذم لأنه قصير؟ لكن الكلام على السجايا التي هي اختيارية، التي يكتسبها الإنسان، ويتطبع بها، فكون الإنسان تقدمت وفاته أو تأخرت هذا ما هو بمدح؛ لأن الأيام خزائن، أوعية، ماذا أودعت في هذه الخزائن؟ ولذا يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وهو مما يتحلى به كثيرٌ من المحدثين، وليس من المهمات"؛ لأن هذا ليس بيدك كونك تأخرت ومات زميلك قبل مائة وخمسين سنة، فيه مدح لك؟ لكن الكلام ماذا تركت من علمٍ وعمل؟ من أثر؟ والله المستعان.
النوع السابع والأربعون: معرفة من لم يروِ عنه إلا راوٍ واحد من صحابي وتابعي وغيرهم:
النوع السابع والأربعون: معرفة من لم يروِ عنه إلا راوٍ واحد من صحابي وتابعي وغيرهم، ولمسلم بن الحجاج وصنفوا في ذلك.
تفرد عامر الشعبي عن جماعة من الصحابة منهم عامر بن شهر, وعروة بن مضرس, ومحمد بن صفوان الأنصاري, ومحمد بن صيفي الأنصاري, وقد قيل: إنهما واحد، والصحيح أنهما اثنان, ووهب بن خنبش ويقال: هرم بن خنبش أيضاً، فالله أعلم.
وتفرد سعيد بن المسيب بن حزن بالرواية عن أبيه، وكذلك حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه، وكذلك شتير بن شَكَل بن حميد عن أبيه، وعبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه، وكذلك قيس بن أبي حازم تفرد بالرواية عن أبيه, وعن دكين بن سعيد المزني, وصنابح بن الأعسر, ومرداس بن مالك الأسلمي، وكل هؤلاء صحابة.
قال ابن الصلاح: وقد ادعى الحاكم في: (الإكليل) أن البخاري ومسلماً لم يخرجا في صحيحيهما شيئاً من هذا القبيل.