قال: وقد أنكر ذلك عليه ونقض بما رواه البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب عن أبيه, ولم يروِ عنه غيره في وفاة أبي طالب، وروى البخاري من طريق قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي حديث:((يذهب الصالحون الأول فالأول)) وبرواية الحسن عن عمرو بن تغلب، ولم يروِ عنه غيره حديث:((إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه)).
وروى مسلم حديث الأغر المزني:((إنه ليغان على قلبي)) ولم يروِ عنه غير أبي بردة، وحديث رفاعة بن عمرو ولم يروه عنه غير عبد الله بن الصامت، وحديث أبي رفاعة ولم يروِ عنه غير حميد بن هلال العدوي، وغير ذلك عندهما.
ثم قال ابن الصلاح: وهذا مصير منهما إلى أنه ترتفع الجهالة عن الراوي برواية واحدٍ عنه.
قلتُ: أما رواية العدل عن شيخ فهل هي تعديل أم لا؟ في ذلك خلاف مشهور، ثالثها: إن اشترط العدالة في شيوخه كمالكٍ ونحوه فتعديلٌ وإلا فلا، وإذا لم نقل إنه تعديل فلا تضر جهالة الصحابي؛ لأنهم كلهم عدول بخلاف غيرهم، فلا يصح ما استدل به الشيخ ...
استدرك، استدرك به الشيخ، وإلا الثاني محتمل، لكن هو استدراك، استدراك من الشيخ نعم، استدراك من الشيخ أبي عمرو بن الصلاح على الحاكم كما هو معروف.
فلا يصح ما استدرك به الشيخ أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله-؛ لأن جميع من تقدم ذكرهم صحابة، والله أعلم، وأما التابعون فقد تفرد حماد بن سلمة عن أبي العشراء الدارمي عن أبيه بحديث:((أما تكون الذكاة إلا في اللبة؟ فقال: أما لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك)).
ويقال: إن الزهري تفرد عن نيف وعشرين تابعياً، وكذلك تفرد عمرو بن دينار وهشام بن عروة وأبو إسحاق السبيعي ويحيى بن سعيد الأنصاري عن جماعة من التابيعن، وقال الحاكم: وقد تفرد مالكٌ عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة لم يروِ عنهم غيره.
هذا النوع عقده ابن الصلاح وتبعه الحافظ ابن كثير -رحمهم الله- للوحدان، المنفردات والوحدان أي الرواة الذي لم يروِ عنهم إلا واحد.