يعني إذا خالفهم وكثرت المخالفات عنده فليس بضابط، أما إذا عرضت أحاديثه على أحاديث الثقات فوجد موافقاً لهم في الغالب والمخالفة نادرة فإنه حينئذٍ يحكم بأنه ضابط.
والتعديل مقبولٌ من غير ذكر السبب؛ لأن تعداده يطول، فقبل إطلاقه بخلاف الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسراً؛ لاختلاف الناس في الأسباب المفسقة فقد يعتقد ذلك الجارح شيئاً مفسقاً فيضعفه، ولا يكون كذلك في نفس الأمر أو عند غيره، ولهذا اشترط بيان السبب في الجرح.
قال الشيخ أبو عمرو: وأكثر ما يوجد في كتب الجرح والتعديل فلان ضعيف أو متروكٌ أو نحو ذلك، فإن لم نكتفِ به انسد بابٌ كبيرٌ في ذلك، وأجاب بأنا إذا لم نكتفِ به توقفنا في أمره لحصول الريبة عندنا بذلك.
قلت: أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسلماً من غير ذكر أسباب، وذلك للعلم بمعرفتهم واطلاعهم واضطلاعهم بهذا الشأن، واتصافهم بالإنصاف والديانة والخبرة والنصح، لا سيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكاً أو كذاباً أو نحو ذلك، فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفةٌ في موافقتهم لصدقهم وأمانتهم ونصحهم، ولهذا يقول الشافعي في كثير من كلامه على الأحاديث: لا يثبته أهل العلم بالحديث، ويرده ولا يحتج به بمجرد ذلك، والله أعلم.