فالجمهور على أنه لا بد من بيان سبب الجرح دون التعديل، ومنهم من عكس يقول: الجرح يكفي أن يذكر من غير بيان، والتعديل لا بد من ذكر سببه؛ لأن الإنسان قد يغتر بشخص فيعدله بناءً على ما ظهر من حاله فلا بد من أن يبين سبب العدالة، فلان عدل لماذا؟ لا يغتر به كما اغتر الإمام مالك بابن أبي المخارق، قال: غرني بكثرةِ مكثه في المسجد، وهذا نعم أمارة ودلالة على أنه صاحب خير، لكن ما يكفي لقبول الرواية، فلا بد من ذكر العدالة، وأما الجرح فيكفي من غير ذكر سببه، وهذا قولٌ لبعض أهل العلم، وهو عكس القول الأول قول الجمهور، ومنهم من يقول: لا بد من بيان السبب في الجرح والتعديل؛ لأن أسباب العدالة يكثر التصنع فيها، فلا بد من ذكر سببها، والجرح قد يجرح المجرح بغير جارح، وحينئذٍ لا بد من بيان سببه، وهذا القول يلزم ببيان السبب في الأمرين معاً، والقول الرابع: وهو المقابل لهذا أنه لا يلزم بيان السبب لا في الجرح ولا في التعديل، فإذا قال الإمام: فلان ضعيف يكفي، فلان ثقة يكفي، ما يحتاج ضعيف لماذا؟ أو ثقة لماذا؟
ابن الصلاح لما ساق كلام الجمهور، ومال إليه، واستروح إليه، قال: أكثر ما يوجد في كتب الجرح والتعديل فلان ضعيف، وفلان متروك، ونحو ذلك، يعني من غير بيانٍ للسبب، كتب الجرح والتعديل ليس فيها بيانٌ للسبب في غالب الأحوال، فعلى هذا يلزم عليه تعطيل هذه الكتب، إذا لم نعتمد ما فيها من الجرح فماذا نصنع؟ يلزم عليه تعطيل هذه الكتب، لكن أجاب ابن الصلاح بأنا إذا لم نكتفِ به توقفنا في أمره، قال ابن معين: فلان ضعيف، نقول: لماذا يا ابن معين على قول الجمهور؟ لماذا فلان ضعيف؟ من يجيب عن ابن معين؟ في كتب الجرح والتعديل فلان ضعيف.