للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن معين يقول: "إذا قلتُ: ليس به بأس فهو ثقة" ينبغي أن يلاحظ، فلا يجعل قول ابن معين: "ليس به بأس" في المرتبة الرابعة مع "صدوق" مثل "لا بأس به" إنما يجعل مع الثقة، قال ابن أبي حاتم: "إذا قيل: صدوق، أو محله الصدق، أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه"، ابن أبي حاتم ينقل عن أبيه أن الصدوق لا يحتج به، سئل عن فلان فقال: صدوق، أتحتج به؟ قال: لا، وسئل عن شخص فقال: حسن الحديث، أتحتج به؟ قال: لا، ولأبي حاتم من هذا الشيء الكثير، مسألة الاحتجاج عنده يحتاط لها احتياطاً كبيراً، وهو متشدد في هذه الباب بلا شك، لكن هو إمام معتبر، بل جبل، فهو ممن كتب حديثه، وينظر فيه، وعرفنا مسألة الصدوق والاحتجاج به، وعدم الاحتجاج به.

"وروى ابن الصلاح عن أحمد بن صالح المصري أنه قال: "لا يترك الرجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه" لا يترك الرجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه، هذا تساهل وسعة في الخطو، لا يلزم أن يجمع الجميع على تركه، نعم إن كان لا يستحق الوصف بمتروك حتى يجتمع الجميع على تركه، فله وجه، لكن نعلم أن متروك، أو متروك الحديث جرحٌ شديد، فإذا اجتمعوا على ترك راوي فهو متروك بلا شك، لكن قد لا يحتج بحديثه، يترك حديثه، معناه أنه لا يحتج به لكلامِ واحد من أئمة الحديث معتبر، ولو لم يجمعوا على تركه، أو وثقه بعضهم، وضعفه آخرون، والتضعيف في حقه أرجح.

يقول: "وقد بسط ابن الصلاح الكلام في ذلك، والواقف على عبارة القوم يفهم مقاصدهم بما عرف من عباراتهم في غالب الأحوال" لا شك أن إدامة النظر في كتب الجرح والتعديل كتواريخ البخاري، وسؤالات الإمام أحمد، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، والثقات والمجروحين، وتهذيب الكمال وفروعه وغيرها من كتب الرجال تجعل عند الطالب ملكة يميز بها بين الأقوال التي يظن أنها متماثلة، ويفهم بها، أو بواسطة هذه الملكة ما استغلق على غيره، وهناك قرائن ترشد إلى المطلوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>