يقول:"وينبغي المبادرة إلى إسماع الولدان الحديث النبوي، والعادة المطردة في أهل هذه الأعصار، وما قبلها بمدد متطاولة .. " إلى آخره، ينبغي المبادرة إلى إسماع الولدان الحديث، وأقول: ينبغي المبادرة إلى تحفيظ الولدان القرآن قبل الحديث على طريقة المغاربة، وما وجد الخلل في حفظ القرآن عند المسلمين إلا بعد أن خلطوا القرآن بغيره، واهتموا بغيره، وقدموه على القرآن، لكن إذا ضبط القرآن، وحفظ وأتقن وضمن يأخذ من العلوم ما شاء، فليقدم بعد ذلك سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما يخدم الوحيين، وما يعين على فهمهما، وهنا يقول:"ينبغي المبادرة إلى إسماع الولدان الحديث النبوي، والعادة المطردة في أهل هذه الأعصار وما قبلها بمدد متطاولة أن الصغير يكتب له حضور إلى تمام خمس سنين" يعني في مجالس السماع يحضر الفئام من الناس، منهم الكبير ومنهم الصغير، منهم الطفل الذي له سنة أو سنتين وثلاث وأربع وخمس وست، وما فوق ذلك، لكن جرت عادتهم أن يكتبوا لمن بلغ خمساً فأكثر سَمِع، ومن لم يبلغ حضر أو أُحضر، قد يقول قائل: هذا الطفل أبو ثلاث سنين إيش يجابه؟ ليش يجاب في مجالس السماع؟ نقول: هذا اعتمده الناس حينما ذهبت قيمة الأسانيد، وانتهت، ودونت الأحاديث في الكتب، وما بقي إلا تسلسل الإسناد، وأبو ثلاث سنين إذا حضر يقال: حضر قراءة الكتاب الفلاني على الشيخ الفلاني، ويثبت اسمه في الطباق، ويروي بهذا الحضور، وإن تيسر له مع ذلك إجازة تجبر هذا الخلل عد نفسه من أكابر الرواة.
"ثم بعد ذلك يسمى سماعاً، واستأنسوا في ذلك بحديث محمود بن الربيع -وهو في الصحيح في البخاري- أنه عقل مجة مجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجه من دلوٍ في دارهم، وهو ابن خمسِ سنين" في كتاب العلم من صحيح البخاري، "فجعلوه فرقاً بين السماع والحضور، وفي رواية: وهو ابن أربع سنين" وهذه الرواية ذكرها القاضي عياض في الإلماع، لكن ابن حجر في الفتح قال: لم أقف على هذا صريحاً في شيء من الروايات بعد التتبع التام.