مستند من أجاز الرواية بالعرض حديث ضمام بن ثعلبة، الذي سمع عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بواسطة، سمع من النبي بواسطة، ثم جاء يعرض ما سمعه على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو في الصحيح، في صحيح البخاري في كتاب العلم، "وهي دون السماع من لفظ الشيخ" عند الأكثر، والجمهور السماع من لفظ الشيخ هو بالدرجة العليا، وهو أعلى درجات التحمل، يليه العرض، ويروى عن مالك وأبي حنيفة أن العرض على الشيخ أقوى، وقيل: هما سواء، عرفنا أن قول الأكثر السماع من لفظ الشيخ أقوى من العرض، وهو الأصل في الرواية، لكن ما حجةُ من يرى أن العرض أقوى من السماع؟ حجته يقول: الشيخ إذا أخطأ في حال السماع من يرد عليه؟ ما في أحد يرد عليه، إذا كان الشيخ يلقي فأخطأ من يرد عليه؟ يرد عليه الطلاب؟ لا، لكن إذا أخطأ الطالب في القراءة، في العرض على الشيخ فإن الشيخ لن يتردد في الرد عليه، من هذه الحيثية رجح العرض على القراءة، وقال جمعٌ من أهل العلم: هما سواء، سواءٌ قرأت على الشيخ أو قرأ عليك لا فرق.
والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يغضب حينما يقال له: اقرأ علينا الموطأ، يقول: لا، اقرأ أنت، منهم من صحب الإمام مالك سبعة عشر سنة يقول: ما سمعته يقرأ على أحد، الناس يقرؤون عليه، وغضب على شخصٍ قال: أريد أن أسمع منك، فقال: اقرأ أنت، اعرض أنت، تقنع بالعرض في القرآن ولا تقنع بالعرض في الحديث والقرآن أعظم؟! فرأي الإمام مالك -رحمه الله تعالى- أنهما سواء على أقل تقدير، وإلا له قولٌ آخر بترجيح العرض على السماع.
فإذا روى بطريق العرض وحدث يقول: قرأت، أو قُرئ على فلان، إذا كان تولى القراءة بنفسه يقول: قرأت على فلان، يبين الواقع، أو قرئ على فلان وأنا أسمع، وهل يشترط في العرض أن يقر الشيخ فيقول: إذا قيل له: حدثك فلان عن فلان عن فلان ثم يذكر السند، فيقول: نعم أو لا يشترط؟ منهم من اشترط ذلك، ومنهم من قال: يكفي سكوته.