للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الرابع: المناولة، فإن كان معها إجازة مثل أن يناول الشيخ الطالب كتاباً من سماعه، ويقول له: اروِ هذا عني، ويملكه إياه، أو يعيره لينسخه ثم يعيده إليه، أو يأتيه الطالب بكتابٍ من سماعه فيتأمله، ثم يقول: اروِ عني هذا، ويسمى هذا عرض المناولة، وقد قال الحاكم: إن هذا إسماعٌ عند كثيرٍ من المتقدمين، وحكوه عن مالكٍ نفسه والزهري وربيعة ويحي بن سعيد الأنصاري من أهل المدينة، ومجاهدٍ وأبي الزبير وسفيان بن عيينة من المكيين، وعلقمة وإبراهيم والشعبي من الكوفة، وقتادة وأبي العالية وأبي المتوكل الناجي من البصرة، وابن وهب وابن القاسم وأشهب من أهل مصر، وغيرهم من أهل الشام والعراق، ونقله عن جماعة من مشايخه، قال ابن الصلاح: وقد خلط في كلامه عرض المناولة بعرض القراءة، ثم قال الحاكم: والذي عليه جمهور فقهاء الإسلام الذين أفتوا بالحرام والحلال أنهم لم يروه سماعاً، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق والثوري والأوزاعي وابن المبارك ويحيى بن يحيى والبيوطي والمزني وعليه عهدنا أئمتنا، وإليه ذهبوا وإليه نذهب، والله أعلم.

كمل، كمل مرة واحدة.

أما إذا لم يملكه الشيخ الكتاب ولم يعره إياه فإنه منحطٌ عمن قبله، حتى إن منهم من يقول: هذا مما لا فائدة فيه، ويبقى مجرد إجازة، قلتُ: أما إذا كان الكتاب مشهوراً كالبخاري أو مسلم أو شيء من الكتب المشهورة فهو كما لو ملكه أو أعاره إياه، والله أعلم.

ولو تجردت المناولة عن الإذن بالرواية فالمشهور أنه لا تجوز الرواية بها، وحكى الخطيب عن بعضهم جوازها، قال ابن الصلاح: ومن الناس من جوز الرواية بمجرد إعلام الشيخ للطالب أن هذا سماعه، والله أعلم.

ويقول الراوي بالإجازة: أنبأنا، فإن قال: إجازة فهو أحسن، ويجوز أنبأنا وحدثنا عند جماعة المتقدمين، وقد تقدم النقل عن جماعة أنهم جعلوا عرض المناولة المقرون بالإجازة بمنزلة السماع، فهؤلاء يقولون: حدثنا وأخبرنا بلا إشكال، والذي عليه جمهور المحدثين قديماً وحديثاً أنه لا يجوز إطلاق حدثنا ولا أخبرنا، بل مقيداً، وكان الأوزاعي يخصص الإجازة بقوله: خبَّرنا بالتشديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>