قال:"وليقابل أصله بأصلٍ معتمد مع نفسه أو مع غيره، من موثوق به ضابط" بالمقابلة نسخت الكتاب فلا بد من مقابلته؛ لأنه لا يؤمن السقط، وتكرار بعض الأسطر، أو نقص أسطر أحياناً، وهذا كثير، وهذا يمكن تلافيه بالمقابلة، لكن هل يقابل مع نفسه؟ يأتي بالأصل ويضعه بين يديه والفرع المنسوخ ويضعه بين يديه وينظر في كلمة كلمة؟ أو يكفي أن يحضر الأصل بيد ثقة والفرع معه أو العكس، وأحدهما يقرأ والثاني يصحح؟ بعضهم يقول: لا، يشدد، يقول: لا تعتمد على أحد في هذا، لا بد أن تقوم بهذا بنفسك؛ لأنك ما تدري لعله غفل، نعم يتصور الغفلة من أجيرٍ ونحوه إذا لم يكن ثقة، لكن إذا اشترطنا الثقة انتفى المحظور، ولو قيل: إن المقابلة مع شخصٍ آخر أولى من المقابلة من الشخص نفسه لما بعد؛ لأن الإنسان يفوت عليه أشياء؛ لأنه ينظر في الأصل والفرع فيفوت عليه بعض الشيء، لكن إذا حدد في نسخة واحدة، والطرف الثاني المفترض فيه الثقة يحدد في نسخة أخرى، وتضافر عليه جهد شخصين، لا شك أنه أتقن وأضبط، بعض الناس يتورع في مقابلة النسخ، ويسجل الأصل على شريط، ويسمعه على الفرع، ويصحح، ويقابل بهذه الطريقة، لكن هذا حقيقةً تشديد لا مبرر له، فالمقابلة تقبل النيابة، وحينئذٍ لا ضير فيما وُكِل إليه عمل ولو كان يقتضي عليه أجر أن يكلف من يقابل معه شريطة أن يكون ثقة متقناً.
وقد تكلم الشيخ أبو عمرو على ما يتعلق بالتخريج والتضبيب والتصحيح وغير ذلك من الاصطلاحات المطردة والخاصة ما أطال الكلام فيه جداً، وتكلم على كتابة (ح) بين الإسنادين, وأنها (ح) مهملة من التحويل، أو الحائل بين الإسنادين, أو عبارة عن قوله:"الحديث".
قلتُ: ومن الناس من يتوهم أنها (خاء) معجمة, أي إسناد آخر، والمشهور الأول, وحكى بعضهم الإجماع عليه.