أيضاً يوجد في السنن في مسند أحمد يصفو من ذلك الأحاديث الصحيحة الشيء الكثير، أيضاً في معجم الطبراني الكبير والأوسط، وأيضاً مسند أبي يعلى والبزار وغيرها من كتب الحديث من المعاجم والمشيخات والفوائد وغيرها يصفو منها حديث صحيح كثير؛ لكن على طالب العلم أن يعتني بالأهم؛ لأننا نرى بعض الطلاب مثلاً يعتني بالفوائد مثلاً، وهو لم يختم الصحيحين بعد، أو ختم الصحيحين لكنه لم يرقَ بعد ذلك إلى السنن مثلاً، بعضهم يهتم بالأجزاء ويترك الكتب المهمة مثل البيهقي، البيهقي يكاد يحيط بأحاديث الأحكام فعلينا أن نبدأ بالأهم فالأهم. بالمهم المهم ابدأ لتدركه، الشيخ الحافظ الحكمي -رحمه الله-:
وبالمهم الهم ابدأ لتدركهُ ... وقدمّ النص والآراء فاتهمِ
العمر قصير والعلم طويل، العلم ما ينتهي، فلنبدأ بالأهم، مقدمين في ذلك كلام الله -سبحانه وتعالى-.
يقول:"ما يتمكن المتبحر في هذا الشأن من الحكم بصحة كثير منه، بعد النظر في حال رجاله، وسلامته من التعليل المفسد".
يعني ينظر في رجاله من حيث العدالة والضبط، وأيضاً من حيث الاتصال والانقطاع، ويجوز له الإقدام على ذلك، يجوز للمتأهل أن يقدم على التصحيح والتضعيف، له أن يقدم على التصحيح والتضعيف، وباب الاجتهاد مفتوح في كل العلوم، مفتوح ولله الحمد، والأجر مرتب على العلم إنما ينال بالاجتهاد؛ لأن المقلد فيما قرره ابن عبد البر وغيره ليس من أهل العلم، فباب الاجتهاد في الاستنباط مفتوح للمتأهل، ونؤكد على هذا، وباب التصحيح والتضعيف مفتوح للمتأهل أيضاً؛ لئلا يتطاول صغار الطلبة، فيصححوا ويضعفوا وينتقدوا كبار الأئمة، وهم ليسوا بشيء، وإن لم ينص على صحته حافظ قبله موافقةً لأبي زكريا النووي، وخلافاً للشيخ أبي عمر الذي يرى انقطاع التصحيح والتضعيف في العصور المتأخرة.
وعنده التصحيح ليس يمكنُ ... في عصرنا وقال يحيى ممكنُ