وهنا يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وتجوز الزيادة في نسب الراوي إذا بين أن الزيادة من عنده، وهذا محكيٌ عن أحمد بن حنبل وجمهور المحدثين" لكن إن زاد من غير بيان الأمر سهل، ما عدا الواقع، لكن الأولى أن يقتصر على ما روِّي له من ألفاظ الشيوخ، ولا سيما في صيغ الأداء، وفي أنساب الشيوخ ينبغي أيضاً أن يقتصر على ما روِّي له، وإذا أراد أن يزيد من أجل البيان فلا بد أن يقول: هو ابن فلان، أو يعني ابن فلان.
فرعٌ: جرت عادةُ المحدثين إذا قرؤوا يقولون: أخبرك فلان؟ قال: أخبرنا فلان، قال: أخبرنا فلان، ومنهم من يحذف لفظة (قال)، وهو سائغ عند الأكثرين، وما كان من الأحاديث بإسنادٍ واحد كنسخة عبد الرزاق عن معمرٍ عن همام عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومحمد بن عمروٍ عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعمروِ بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنه-، وبهز بن حكيم عن أبيه عن جده -رضي الله عنه- ونحو ذلك، فله إعادة الإسناد عند كل حديث، وله أن يذكر الإسناد عند أول حديث منها، ثم يقول: وبالإسناد أو وبه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال كذا وكذا، ثم له أن يرويه كما سمعه، وله أن يذكر عند كل حديث الإسناد.
قلتُ: والأمر في هذا قريبٌ سهل يسير، والله أعلم، وأما إذا قدم ذكر المتن على الإسناد كما إذا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا وكذا، ثم قال: أخبرنا به وأسنده، فهل للراوي عنه أن يقدم الإسناد أولاً ويتبعه بذكر متن الحديث؟ فيه خلافٌ ذكره الخطيب وابن الصلاح، والأشبه عندي جواز ذلك، والله أعلم.
ولهذا يعيد محدثو زماننا إسناد الشيخ بعد فراغ الخبر؛ لأن من الناس من يسمع من أثنائه بفوتٍ فيتصل له سماعُ ذلك من الشيخ، وله روايته عنه كما يشاء من تقديمِ إسناده وتأخيره، والله أعلم.