ومن نظر في كتاب الموضوعات لأبي الفرج بن الجوزي عرف ذلك, وقد روي عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنه قال: أربعة أحاديث تدور بين الناس في الأسواق لا أصل لها: "من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة"، و"من آذى ذمياً فأنا خصمه يوم القيامة"، و"نحركم يوم صومكم"، و"للسائل حق وإن جاء على فرس".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "النوع الثلاثون: معرفة المشهور"، يقول:"والشهرة أمرٌ نسبي" المشهور اسم مفعول من الشهرة، "فقد يشتهر .. ""الشهرة أمرٌ نسبي، فقد يشتهر" المشهور المعروف الواضح، ومنه سمي الشهر لوضوحه واشتهاره بين الناس، والشهرة أمرٌ نسبي، يعني أن هذا الأمر قد يكون مشتهراً مشهوراً لقومٍ، خفياً غامضاً عند آخرين، وهذا واضح بغض النظر عن كونه مشهور من الحديث أو غيره في عموم الأشياء، الشهرة أمرٌ نسبي، يشتهر عند أهل العلم ما لا يشتهر عند العامة، يشتهر عند العامة ما لا يشتهر عند الخاصة، يشتهر عند التجار ما لا يشتهر عند الفقراء، يشتهر عند الفقراء ما لا يشتهر عند الأغنياء وهكذا، فالشهرة أمرٌ نسبي في كل شيء.
"فقد يشتهر عند أهل الحديث أو يتواتر ما ليس عند غيرهم بالكلية" حديث يتداوله الناس، ويستفيض عندهم من أهل العلم لا سيما عند أهل الحديث، وقد يكون من أهل العلم ممن له عناية بالعلوم أخرى، قد يكون ليس معروفاً عنده، أو لم يطرق سمعه البتة، وإن كان منتسباً إلى العلم، واشتهر عند أهل الحديث وتواتر عندهم أحاديث واستفاضت، وتداولها المحدثون وهي لا تعرف عند قومٍ آخرين، وإن كانوا ممن يعتني بالعلم ويعنى به، "فقد يشتهر عند أهل الحديث أو يتواتر ما ليس عند غيرهم بالكلية" يعني ممن يعنى بالعلوم الأخرى فضلاً عن من لا عناية له بالعلم البتة، فإن مثل هؤلاء قد تخفى عليهم الأحاديث المتواترة، حديث:((من بنى لله بيتاً)) هذا متواتر عند أهل العلم.
مما تواتر حديث من كذب ... ومن بنى لله بيتاً واحتسب