يقول -رحمه الله-: "معرفة الغريب والعزيز" هما متمما قسمة الآحاد القسمة الثلاثية، فالآحاد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: المشهور والعزيز والغريب، الغرابة قد تكون في المتن، يعني بجملته بأن يتفرد بروايته راوٍ واحد، ومثاله بل من أوضح أمثلته حديث:((إنما الأعمال بالنيات)) تفرد بروايته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- عمر بن الخطاب، وتفرد بروايته عن عمر علقمة بن وقاص الليثي، وعنه تفرد محمد بن إبراهيم التيمي، وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري متفرداً به، ثم عن يحيى بن سعيد انتشر، فهذا من أوضح الأمثلة للغريب، بل هو من غرائب الصحيح التي يرد بها على من قال: إن شرط البخاري ألا يروي ما تفرد به الواحد عن الواحد.
"أو في بعضه" قد يتفرد الراوي ببعض الحديث، بجملة من جمل الحديث، وإن كان له ما يشهد له عند غيره في باقي جمله.
كما إذا زاد فيه واحد زيادة لم يقلها غيره، وهذه الزيادة تقدم حكمها في زيادة الثقة، وأحياناً تدل القرائن على أن هذه الزيادة محفوظة فيحكم بصحتها، وأحياناً يحكم بشذوذها، يحكم أهل العلم بأنها غير محفوظة تبعاً للقرائن، ولا يحكم في ذلك بحكمٍ عام مطرد، كما هو معروف.
وقد تكون الغرابة في الإسناد، كما إذا كان أصل الحديث محفوظاً من وجه، أو من وجوه، لكنه بهذا الإسناد غريب، الغرابة: غرابة مطلقة وغرابة نسبية، قد يتفرد بهذا الحديث راوٍ واحد عن جميع الرواة، فهذه غرابة مطلقة، قد تطلق الغرابة المطلقة ويراد بها الفرد، وهي ما إذا كان التفرد في أصل السند، الطرف الذي فيه الصحابي.