يقول -رحمه الله تعالى-: "النوع الخامس والثلاثون: معرفة ضبط ألفاظ الحديث متناً وإسناداً، والاحتراز من التصحيف فيها" ينبغي على طالب العلم أن يعتني بالألفاظ لا سيما في الأسانيد، يعتني بضبطها وإتقانها، وأخذها من أفواه المشايخ أهل الضبط والعناية، وكثيراً ما تلفظ بعض من ينتسب إلى العلم بذكر بعض الرواة بما يضحك منه، "سلمة بن كهيل" قال -وهو يعد من الكبار-: بن كهبل، فضلاً عن أن يقول في عَبيدة: عُبيدة هذا أمره سهل، لكن على طالب العلم أن يعتني بهذا، وأن يديم النظر في الكتب التي صنفت في هذا الشأن، والشروح -شروح كتب السنة- التي تكرر الضبط للرواة، وتكرر ضبط الألفاظ في المتون ينبغي أن يعظ عليها بالنواجذ.
فالتصحيف لا شك أنه شين وعيب في طالب العلم، وأن يقرأ الشيء وهو لا يعرف ضبطه ولا معناه، يقول:"وقع من ذلك شيء لكثير لجماعة من الحفاظ وغيرهم ممن ترسم بصناعة الحديث وليس منهم" تسمى بالحديث وتصدى لروايته، وأكثر من الرواية على غير الحفاظ الضابطين المتقنين فوقع في المضحكات.
"وقد صنف العسكري" أكثر من كتاب في التصحيف، ثلاثة كتب في التصحيف والتحريف، هناك فرق بين التصحيف والتحريف، منهم من يقول: هما بمعنىً واحد، ومنهم من يرى أن الفرق بينهما أن التصحيف يكون بالشكل والتحريف بالنقد أو بتغيير بعض الحروف مع بقاء الوزن، المقصود أن التصحيف واضح، لا يحتاج إلى تعريف، تغيير الكلمة على أي وجهٍ كان، سواءً كانت في الأسانيد أو في المتون، مع أن العناية بالأسانيد وإن كانت وسيلة إلى المتون ينبغي أن تكون مقدمة لدى طالب العلم؛ لأن العَلَم إذا تصحف لا يمكن أن يوقف على حقيقته؛ لأنه لا يدرك بالرأي، ولا يستدل عليه بالسياق المتقدم ولا المتأخر.