يقول:"وقد كان الإمام أبو بكر بن خزيمة يقول" الإمام ابن خزيمة في هذا الباب قلَّ أن يوجد له نظير، في باب اختلاف الحديث، والتوفيق بين النصوص، يقول:"ليس ثمَّ حديثان متعارضان من كل وجه" لا يوجد تعارض بين حديثين صحيحين في الحقيقة والواقع، وليس أحدهما منسوخاً والآخر ناسخ، لا يوجد، فالشريعة متآلفة متجانسة غير متضادة ولا متعارضة ولا متضاربة، مرد التعارض الظاهر إما أن يكون بسبب فهم المجتهد فهم الناظر والواقف على الأحاديث، أو بسبب تقدم وتأخير وحينئذٍ لا إشكال في الحكم بالنسخ، أو يخفى على المجتهد وجه الترجيح، المجتهد لا يمكنه إحاطته بكل شيء.
يقول:"ليس ثمَّ حديثان متعارضان من كل وجه، ومن وجد بشيء من ذلك فليأتني لأؤلف ... بينهما" هذه منزلة ابن خزيمة في هذا الفن، لكن هل يقال: إن ابن خزيمة يستطيع التوفيق بين كل النصوص المتعارضة التي ظاهرها التعارض؟ هو إمام من الأئمة، وهو بارز في هذا الباب، وفي هذا النوع، لكن ليس بالمعصوم، ابن خزيمة نفسه حكم على حديث بالوضع لمعارضته لحديثٍ صحيح، ((لا يَؤمَّن أحدكم .. )) أو ((ومن أمّ قوماً فخص نفسه بدعوةٍ دونهم)) وجاء النهي عن ذلك ((لا يَؤمَّن أحدكم قوماً فيخص نفسه بدعوةٍ دونهم)) يقول: هذا حديث موضوع، لماذا؟ لأنه معارض لحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما، الرسول -عليه الصلاة والسلام- في دعاء الاستفتاح يقول:((اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) بيني وبين خطاياي ما قال: "بيننا" قال: ((باعد بيني)) خص نفسه بدعوةٍ دون المأمومين، وقد ورد النهي عن أن يخص الإمام نفسه بالدعوة دون المأمومين، وهذا في الصحيحين، وذاك في السنن فحكم على الثاني بالوضع، خفي عليه وجه الجمع، وهناك مسالك للجمع بين الحديثين.