قلت: لم يكتفوا بمجرد رؤية الصحابي كما اكتفوا في إطلاق الصحابي على من رآه -عليه السلام-، يقول: الفرق في ذلك عظمة وشرف رؤيته -عليه الصلاة والسلام-، يعني الذي تثبت به الصحبة، لأهمية هذا الوصف، ولميزة هذا النعت الذي هو الصحبة اكتفوا فيه بالرؤية، بخلاف رؤية الصحابي، فإنها إذا كانت مجرد رؤية للسيرة لمحة فإنها لا تكفي في إثبات كون الشخص تابعياً، على أن هذا لا أثر له في الواقع؛ لأنه ليس للتابعين من المنزلة مثل ما للصحابة ليحتاط في أمرهم، التابعون مثل غيرهم إلا أنهم في الجملة أفضل من غيرهم، لكن على سبيل الانفراد الواحد منهم .. ، افرض أنه صحب الصحابي وطالت صحبته، لكنه ساءت سيرته ما ينفعه كونه تابعي، ولا يقال مثل هذا في الصحابي.
وأما بالنسبة للرواية فمجرد كونه تابعي تثبت روايته عن الصحابة؟ ما يلزم، نعم إن لم يوصف بالتدليس وقال: عن فلان محمول على الاتصال، لكن قد يعرف بالتدليس، وقد رأى جمعاً غفيراً من الصحابة، ولا يحمل على الاتصال كمن عرف من المدلسين من التابعين كالحسن وغيره.
الحاكم قسم "التابعين إلى خمسة عشر طبقة" كما أنه قسم الصحابة إلى اثنتي عشر طبقة، وهذا تقسيم لم يسبق إليه، وعليه فيه مؤاخذات واستدراكات في معرفة علوم الحديث، "فذكر أن أعلاهم" الطبقة العليا من التابعين "من روى عن العشرة" مع أن فيه مناقشات ومؤاخذات على كلامه هذا وأوهام، "وذكر منهم سعيد بن المسيَّب" أو المسيِّب المشهور الفتح المسيَّب، وقد ذُكر عنه أنه دعا على من قال: المسيَّب، لكن هو المشهور، "وقيس بن أبي حازم وقيس بن عباد وأبا عثمان النهدي" عبد الرحمن بن مُل أو مِل، "وأبا وائل -شقيق بن سلمة- وأبا رجاء العطاردي وأبا ساسان حضين بن المنذر"، يقول:"وعليه في هذا الكلام دخلٌ كثير" لا شك أنه عليه استداركات، "وقد قيل: إنه لم يروِ عن العشرة من التابعين سوى واحد قيس بن أبي حازم، قاله ابن خراش، وقال أبو بكر بن أبي داود: لم يسمع من عبد الرحمن بن عوف" يعني حتى هذا الواحد لم يسلم،