قال ابن الصلاح: وقد روى العبادلة عن كعب الأحبار، قلت: وقد حكى عنه عمر وعلي وأبو هريرة وجماعة من الصحابة، وقد روى الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن مالك وهما من شيوخه، وكذا روى عن عمرو بن شعيب جماعة من التابعين قيل: إنهم نيف وعشرون، ويقال: بعض وسبعون، فالله أعلم، ولو سردنا جميع ما وقع من ذلك لطال الفصل جداً.
قال ابن الصلاح: وفي التنبيه على ذلك من الفائدة معرفة قدر الراوي على المرويِّ عنه، قال: وقد صح عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في النوع الحادي والأربعين:"معرفة رواية الأكابر عن الأصاغر" لماذا لم يسبق هذا النوع بنوع رواية الأصاغر عن الأكابر؟ هي الجادة.
قد يروي الكبير سواءً في قدره أو في سنه عمن هو دونه سناً وقدراً، من أجلِّ .. -يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "من أجل ما يذكر في هذا الباب ما ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" النبي -عليه الصلاة والسلام- أشرف الخلق يروي عن تميم الداري قصة الجساسة، وهو مخرج في صحيح مسلم، وهي صحيحة، وإن قال بعضهم حكم عليها بعضهم بالشذوذ أو النكارة، لكن لا وجه للحكم؛ لأنه مخرج في الصحيح.
النبي -عليه الصلاة والسلام- يروي عن تميم وهو أجل قدراً منه بلا إشكال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أكبر قدراً من تميم، كما أنه أكبر سناً، فهذا من أشرف ما يذكر، وأجلّ ما يذكر في هذا الباب، ولا شك أن مثل هذا مزيد فضل لتميم الداري الذي روى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا من فائدة هذا الباب الذي هو على خلاف الأصل، الأصل أن يروي الصغير عن الكبير، فإذا روى الكبير عن الصغير دلَّ على أن لهذا الصغير مزية بحيث يتحمل عنه العلم وهو صغير من قبل من هو أكبر منه.