حاشية:"ثم وقفت بعد هذا على كلام لشيخنا العلامة ابن تيمية، مضمونه: أنه نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول عن جماعات من الأئمة: منهم القاضي عبد الوهاب المالكي، والشيخ أبو حامد الاسفراييني والقاضي أبو الطيب الطبري، والشيخ أبو إسحق الشيرازي من الشافعية. ابن حامد، وأبو يعلى بن الفراء، وأبو الخطاب، وابن الزاغوني، وأمثالهم من الحنابلة. وشمس الأئمة السرخسي من الحنفية قال: "وهو قول أكثر أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم: كأبي إسحاق الاسفراييني، وابن فورك قال: وهو مذهب أهل الحديث قاطبة ومذهب السلف عامة"، وهو معنى ما ذكره ابن الصلاح استنباطاً، فوافق فيه هؤلاء الأئمة.
الصحيحان البخاري ومسلم تقدمت الإشارة إلى أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله، والأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول، حتى قال جمع من أهل العلم: أنه لو حلف شخص بالطلاق أن جميع ما في البخاري ومسلم صحيح لما حنث، فالأمة تلقت الكتابين بالقبول، وهذا التلقي وحده أقوى من كثرة الطرق، قال: سوى أحرفٍ يسيرة، سوى أحاديث يسيرة في الكتابين، ما يقرب من مائتي حديث انتقدها الحافظ الدارقطني وغيره، والغالب أن الصواب مع الشيخين، وقد دافع عن الأحاديث المنتقدة في صحيح البخاري، الحافظ ابن حجر في المقدمة في الباري، والنووي دافع أيضاً باختصار في شرحه على صحيح مسلم عما انتقده الدارقطني في صحيح مسلم، وأكثر الأحاديث المنتقدة في لا سيما في مسلم في بعض الطرق التي أخرج الإمام مسلم من الطرق ما يشهد بصحتها، فعلى هذا هذه الأحاديث اليسيرة المنتقدة وهي مجال للبحث عند أهل العلم الصواب فيها مع الشيخين، هذه خارجة عن إفادة القطع؛ لأن ابن الصلاح يريد أن يقرر أن ما رواه البخاري ومسلم مفيد للقطع، للعلم؛ لأن الأخبار تنقسم إلى أقسام، منها: ما يفيد العلم، ومنها: ما يفيد الظن، ومنها: ما يفيد الشك، ومنها: ما يفيد الوهم.